للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو قِلَابَةَ: لَا يَحِلُّ الْخُلْعُ حَتَّى يَجِدَ عَلَى بَطْنِهَا رَجُلًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: ١٩] وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَدَعْوَى النَّسْخِ لَا تُسْمَعُ حَتَّى يَثْبُتَ تَعَذُّرُ الْجَمْعِ، وَإنَّ الْآيَةَ النَّاسِخَةَ مُتَأَخِّرَةٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يُبَاحُ لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " و" الْفُرُوعِ "، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُسَنُّ إِجَابَتُهَا إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهَا دَاعِيَةٌ إِلَى فُرْقَتِهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ إِلَيْهَا مَيْلٌ وَمَحَبَّةٌ، فَيُسَنُّ صَبْرُهَا وَعَدَمُ افْتِدَائِهَا - نَصَّ عَلَيْهِ - وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فِي وُجُوبِهِ، وَأَلْزَمَ بَعْضُ حُكَّامِ الْمَقَادِسَةِ الْفُضَلَاءِ بِهِ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إِذَا كَرِهَتْهُ حَلَّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا.

(وَإِنْ خَالَعَتْهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ: لِغَيْرِ سَبَبٍ مَعَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ (كُرِهَ، وَوَقَعَ الْخُلْعُ) عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْأَكْثَرُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] (وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ) وَلَا يَصِحُّ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَخَلْقٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} [البقرة: ٢٢٩] وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَاحْتَجَّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ حَرَّمَهُ، وَخُصُوصُ الْآيَةِ فِي التَّحْرِيمِ يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى عُمُومِ آيَةِ الْجَوَازِ مَعَ مَا عَضَّدَهَا مِنَ الْأَخْبَارِ.

فَرْعٌ: لَا يَفْتَقِرُ الْخُلْعُ إِلَى حَاكِمٍ - نَصَّ عَلَيْهِ - وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>