للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ وَكَلَّ اثْنَيْنِ فِيهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِهِ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَإِنْ وَكَّلَهُمَا فِي ثَلَاثٍ، فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنَ الْآخَرِ - وَقَعَ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ، فَلَهَا ذَلِكَ، كَالْوَكِيلِ. وَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْتِ، لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَطْلُقَ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَتَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا (وَإِنْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ فِيهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِتَصَرُّفِهِمَا جَمِيعًا (إِلَّا بِإِذْنٍ) ؛ لِأَنَّهُ رَاضٍ بِتَصَرُّفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَمَلَكَ الِانْفِرَادَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ وَحْدَهُ (وَإِنْ وَكَّلَهُمَا فِي ثَلَاثٍ، فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنَ الْآخَرِ - وَقَعَ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُمَا فِي ذَلِكَ، فَلَوْ طَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثَلَاثًا - وَقَعَ وَاحِدَةٌ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ، وَالْآخَرُ ثَلَاثًا، فَيَقَعُ ثِنْتَانِ (وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ، فَلَهَا ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُهَا فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا، فَكَذَا فِي طَلَاقِ نَفْسِهَا (كَالْوَكِيلِ) ؛ لِأَنَّهَا مُتَصَرِّفَةٌ بِالْإِذْنِ، فَتَمْلِكُ مَا مَلَكَهُ الْوَكِيلُ، فَعَلَيْهِ لَهَا أَنْ تَطْلُقَ مَتَى شَاءَتْ، إِلَّا أَنْ يَحِدَّ لَهَا حَدًّا، وَلَا تَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ، قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا نَوَى ثَلَاثًا، فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا - فَهِيَ ثَلَاثٌ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً، فَوَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَكُونُ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً، فَأَيُّهُمَا نَوَاهُ صَحَّ، وَلَوْ وَكَّلَ مَعَهَا غَيْرَهَا، لَمْ يَكُنْ لَهَا الِانْفِرَادُ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ إِلَيْهَا، وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ وَقَعَ ما اتفقا عَلَيْهِ، فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَوْ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ - وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ، وَقَالَ الْقَاضِي - وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ ": يَتَقَيَّدُ لَهَا بِالْمَجْلِسِ، كَاخْتَارِي، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً - وَقَعَ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ إِيقَاعَ ثَلَاثٍ، فَتَمْلِكُ إِيقَاعَ وَاحِدَةٍ كَالْوَكِيلِ، وَلَا تَمْلِكُ تَعْلِيقًا، فَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ، فَقَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ - لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ إِذْنَهُ انْصَرَفَ إِلَى الْمُنْجَزِ، فَلَمْ تَتَنَاوَلِ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ، وَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ طَلَاقَ السُّنَّةِ، فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا - فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا (وَإِنْ قَالَ: اخْتَارِي مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْتِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَطْلُقَ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ الثَّلَاثَ؛ لِأَنَّهَا كُلُّ الطَّلَاقِ.

١ -

فَرْعٌ: يَحْرُمُ تَطْلِيقُ وَكِيلِ مُطَلِّقٍ وَقْتَ بِدْعَةٍ، وَفِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ، وَفِي " الْمُغْنِي ":

<<  <  ج: ص:  >  >>