وَيَقَعُ، وَيُسْتَحَبُّ رَجَعَتُهَا، وَعَنْهُ: أَنَّهَا وَاجِبَةٌ.
وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
السَّلَامُ - أَمَرَ ابْنَ عُمَرَ بِالْمُرَاجَعَةِ، وَهِيَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَفِي لَفْظٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا؛ قَالَ: كَانَتْ تَبِينُ مِنْكَ وَتَكُونُ مَعْصِيَةً» وَذَكَرَ فِي " الشَّرْحِ " هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ غَيْرِهِ، وَقَالَ: كُلُّهَا أَحَادِيثُ صِحَاحٌ؛ وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ مُكَلَّفٍ فِي مَحَلِّهِ، فَوَقَعَ كَطَلَاقِ الْحَامِلِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِقِرْبَةٍ، فَيُعْتَبَرُ؛ لِوُقُوعِهِ مُوَافَقَةَ السُّنَّةِ، بَلْ هُوَ إِزَالَةُ عِصْمَةٍ وَقَطْعُ مِلْكٍ، فَإِيقَاعُهُ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ أَوْلَى تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَعُقُوبَةً لَهُ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ ": وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي آخِرِ طُهْرِكِ، وَلَمْ يَطَأْ فِيهِ، وَكَلَامُ الْأَكْثَرِ: أَنَّهُ مُبَاحٌ، إِلَّا عَلَى رِوَايَةِ " الْقُرُوءِ ": الْأَطْهَارِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": تَحَمُّلُهَا مَاءَهُ فِي مَعْنَى وَطْء، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّهُ لَا يَقَعُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، وَالسَّبْعَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِهِ قَبْلَ الْعِدَّةِ، فَإِذَا طَلَّقَ فِي غَيْرِهِ، لَمْ يَقَعْ، كَالْوَكِيلِ إِذَا أَوْقَعَهُ فِي زَمَنٍ، أَمَرَهُ مُوَكِّلُهُ بِإِيقَاعِهِ فِي غَيْرِهِ (وَيُسْتَحَبُّ رَجَعَتُهَا) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِهِ ابْنَ عُمَرَ، وَأَدْنَى أَحْوَالِهِ الِاسْتِحْبَابُ؛ وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ لَا يَرْتَفِعُ بِالرَّجْعَةِ، فَلَمْ تَجِبِ الرَّجْعَةُ فِيهِ كَالطَّلَاقِ فِي طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ، فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَجِبُ فِيهِ، حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْجَمِيعِ (وَعَنْهُ: أَنَّهَا وَاجِبَةٌ) ذَكَرَهَا فِي " الْمُوجَزِ " و" التَّبْصِرَةِ " و" التَّرْغِيبِ "، وَاخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى؛ لِظَاهِرِ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِهَا؛ وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ تَجْرِي مَجْرَى اسْتِبْقَاءِ النِّكَاحِ، وَهُوَ وَاجِبٌ، بِدَلِيلِ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ، وَعَنْهُ: تَجِبُ فِي حَيْضٍ، اخْتَارَهُ فِي " الْإِرْشَادِ " و" الْمُبْهِجِ "، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ الْخِلَافَ رَاجِعٌ إِلَى الصُّورَتَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الطَّاهِرَ الْمُصَابَةُ فِيهِ لَا تَجِبُ رَجَعَتُهَا - رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَتَقَدَّمَ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقُ بِدْعَةٍ، فَاسْتَحَبَّ قَطْعَهُ بِهَا كَطَلَاقِ الْحَائِضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute