للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرَةٌ، وَالثَّالِثَةُ: يَمِينٌ، وَإِنْ قَالَ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ - أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ - فَقَالَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، فَرَّقْتَ بَيْنَهُمَا، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ كَرَاهَةُ الْفُتْيَا فِي الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ.

قَالَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ ": لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنَا مِنْكِ حَرَامٌ كَانَ كِنَايَةً فِي وَجْهٍ، فَتَجِبُ إِذَا قَالَ: أَنْتِ حَرَامٌ كَذَلِكَ، وَعَنْهُ: كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ.

(وَالثَّالِثَةُ) هُوَ (يَمِينُ) وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ. رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ فَهُوَ يَمِينٌ، يُكَفِّرُهَا؛ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] فَجَعَلَ الْحَرَامَ يَمِينًا. قَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: إِذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَنَوَى يَمِينًا، ثُمَّ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ - لَا يُكَفِّرُ إِيلَاءً، إِنَّمَا الْإِيلَاءُ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ أَنْ لَا يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ، فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا نَوَى الْيَمِينَ كَانَ يَمِينًا، فَإِنْ نَوَى شَيْئًا فَعَنْهُ - وَالْأَشْهَرُ -: أَنَّهُ ظِهَارٌ، فَإِنْ نَوَى ظِهَارًا أَوْ طَلَاقًا - فَظِهَارٌ، وَإِنْ قَالَهُ لِمُحَرَّمَةٍ بِحَيْضٍ وَنَحْوِهِ، وَنَوَى أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِهِ - فَلَغْوٌ، وَكَذَا إِنْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْخَبَرَ وَيَحْتَمِلُ إِنْشَاءَ التَّحْرِيمِ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ كَإِطْلَاقِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ.

فَرْعٌ: مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا حَقَّ عَلَيْهِ لِزَيْدٍ، فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ - حَنِثَ حُكْمًا، ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ.

(وَإِنْ قَالَ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ - أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ - فَقَالَ أَحْمَدُ: تُطَلَّقُ امْرَأَتُهُ ثَلَاثًا) ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، وَوَقَعَ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَرَّفٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ، وَعَنْهُ: يَقَعُ مَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُمَا يُرَادَّانِ لِغَيْرِ الِاسْتِغْرَاقِ، لَا سِيَّمَا فِي أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ - يَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ - إِنْ دَخَلْتُ لَكَ فِي خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَالرَّجُلُ مَرِيضٌ يَعُودُهُ؛ قَالَ: لَا، وَلَا يُشَيِّعُ جِنَازَتَهُ، أَخَاف أنَّهُ ثَلَاث، وَلَا أُفْتِي بِهِ (وَإِنْ قَالَ: أَعْنِي بِهِ طَلَاقًا، طُلِّقَتْ وَاحِدَةً) رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ، إِنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ.

وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ، فَإِذَا بُيِّنَ بِلَفْظِ إِرَادَةِ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ - صُرِفَ إِلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>