طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إِلَّا وَاحِدَةً - وَقَعَتِ الثَّلَاثُ، وَإِنْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ، وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ - لَمْ تُطَلَّقْ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَرْجُوحُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ - وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ ": يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ حُكْمًا، وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ قَالَ: نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلِ الْأَرْبَعُ - فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ (وَإِنْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ، وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ - لَمْ تُطَلَّقْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ اللَّفْظُ، وَإِنَّمَا اسْتُعْمِلَ الْعُمُومُ فِي الْخُصُوصِ، وَذَلِكَ شَائِعٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِذَا قَالَ: أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِق إِلَّا فُلَانَةَ - لَمْ تَصِحَّ عَلَى الْأَشْبَهِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ وَأُوقِعَ، وَيَصِحُّ أَرْبَعَتُكُنَّ إِلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ، وَإِنِ اسْتَثْنَى مَنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقَهَا - دِين، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَنِسَائِي الْأَرْبَعِ، وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهُ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ لِجَوَازِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ، وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْ نِسَاءَكَ، فَقَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ - طُلِّقَتْ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى سَبَبِهِ، وَإِنِ اسْتَثْنَاهَا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ يَدُلُّ عَلَى نِيَّتِهِ.
١ -
فَرْعٌ: يُعْتَبَرُ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِ اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ، قَطَعَ بِهِ الْجَمَاعَةُ، وَنِيَّتُهُ قَبْلَ تَكْمِيلِ مَا أَلْحَقَهُ بِهِ، حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ إِجْمَاعًا، وَقِيلَ: وَبَعَّدَهُ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ وَمُتَقَدِّمِي أَصْحَابِهِ، وَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بِالنِّيَّةِ وَبِالِاسْتِثْنَاءِ، قَالَ: وَفِي الْقُرْآنِ جُمَلٌ قَدْ فُصِلَ بَيْنَ أَبْعَاضِهَا بِكَلَامٍ آخَرَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا} [آل عمران: ٧٢] إِلَى قَوْلِهِ: {هُدَى اللَّهِ} [الأنعام: ٧١] فَصَلَ بَيْنَ أَبْعَاضِ الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُدَ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَقِيلَ لَهُ: أَلَكَ امْرَأَةٌ سِوَاهَا؛ فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، فَسَكَتَ، فَقِيلَ: إِلَّا فُلَانَةَ؛ قَالَ: إِلَّا فُلَانَةَ، فَإِنِّي لَمْ أَعْنِهَا، فَأَبَى أَنْ يُفْتِيَ فِيهِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ وَصَلَهُ بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ، فَإِنْ كَانَ نُطْقًا، صَحَّ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ نَوَاهُ وَلَمْ يَلْفِظْ بِهِ - دِينَ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute