بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْهُ، فَإِنْ قَالَ: إِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ إِذَا مَضَى اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ، وَيُكَمَّلُ الشَّهْرُ الَّذِي حَلَفَ فِي أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ فَإِنْ قَالَ: إِذَا مَضَتِ السَّنَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ بِانْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةً، طُلِّقَتِ الْأُولَى فِي الْحَالِ، وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ، وَكَذَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
آخِرُهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَتَحَقَّقَ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ آخِرِهِ وَآخِرُ أَوَّلِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ مَا عَدَا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَا يُسَمَّى أَوَّلَ الشَّهْرِ، وَيَصِحُّ بِنِيَّةٍ عَنْهُ، فَإِنْ قَالَ: فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ فِيهِ، فَبِدُخُولِهِ (فَإِنْ قَالَ: إِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ إِذَا مَضَى اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ) أَيْ: إِذَا كَانَ حَلِفُهُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ كُلَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِالْأَهِلَّةِ؛ لِأَنَّهَا السَّنَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ بِالنَّصِّ (وَيُكْمَلُ الشَّهْرُ الَّذِي حَلَفَ فِي أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ) أَيْ: إِذَا كَانَ الْحَلِفُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ وَجَبَ تَكْمِيلُ الشَّهْرِ بِالْعَدَدِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَصِفَتُهُ إِذَا كَانَ قَدْ مَضَى مِنْهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ نَاقِصًا، بَقِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْأَحَدَ عَشَرَ بِالْأَهِلَّةِ، أَضَافَ إِلَى التِّسْعَةَ عَشَرَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْعَدَدَ فِي الشُّهُورِ كُلِّهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَامَ نِصْفَ الشَّهْرِ، وَجَبَ تَكْمِيلَهُ مِنَ الَّذِي يَلِيهِ، فَكَانَ ابْتِدَاءُ الثَّانِي مِنْ نِصْفِهِ، فَيُكْمَلُ مِنَ الَّذِي يَلِيهِ وَهَلُمَّ جَرَّا.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ سَنَةً شَمْسِيَّةً أَوْ عَدَدِيَّةً، قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا سَنَةً حَقِيقِيَّةً كَمَا يُقْبَلُ إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ سَنَةً إِذَا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ.
(فَإِنْ قَالَ: إِذَا مَضَتِ السَّنَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ بِانْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَهَا بِلَامِ التَّعْرِيفِ انْصَرَفَ إِلَى السَّنَةِ الْمَعْرُوفَةِ، وَهِيَ الَّتِي آخِرُهَا ذُو الْحِجَّةِ، وَوَقَعَ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ أَنَّ إِشَارَتَهُ إِلَيْهَا كَتَعْرِيفِهَا، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ سَنَةً كَامِلَةً، دِينَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " وَغَيْرِهِ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةً، طُلِّقَتِ الْأُولَى فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ السَّنَةَ ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ، فَيَقَعُ إِذَنْ (وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ) ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ ظَرْفٌ لِلطَّلْقَةِ، فَتُطَلَّقُ فِي أَوَّلِهَا (وَكَذَا الثَّالِثَةُ) وَمَحَلُّهُ إِذَا أَدْخَلْنَا عَلَيْهَا وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ، أَوِ ارْتَجَعَهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ، أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَتِ الثَّانِيَةُ لَمْ تُطَلَّقْ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا فِي أَثْنَائِهَا وَقَعَتِ الطَّلْقَةُ عَقِبَ الْعَقْدِ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ صَحَّ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ، وَقَالَ الْقَاضِي:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute