طُلِّقَتْ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا، طُلِّقَتْ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، وَإِذَا قَالَتْ: حِضْتُ، وَكَذَّبَهَا، قُبِلَ قَوْلُهَا فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ قَالَ: قَدْ حِضْتِ، فَأَنْكَرَتْهُ - طُلِّقَتْ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ حِضْتِ فَأَنْتِ وَضَرَّتُكِ طَالِقَتَانِ، فَقَالَتْ لَهُ: حِضْتُ، وَكَذَّبَهَا - طُلِّقَتْ دُونَ ضَرَّتِهَا، وَإِنْ قَالَ: إِنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِانْقِطَاعِهِ ثَبَتَ لَهَا أَحْكَامُ الطَّاهِرَاتِ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ، وَصِحَّةِ الصِّيَامِ، فَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الطَّلَاقِ، وَفِي عِبَارَتِهِ تَسَامُحٌ، وَلَوْ قَالَ: بِأَوَّلِ طُهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، لَكَانَ أَوْلَى، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا تُطَلَّقُ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهَا أَحْكَامُ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَائِضًا، فَلَزِمَ أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا؛ لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ، وَفِي " التَّنْبِيهِ " قَوْلُ حَتَّى تَغْتَسِلَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَحْكَامِ الْحَيْضِ بَاقِيَةٌ، وَبَنَاهُ فِي " الشَّرْحِ " عَلَى الْعِدَّةِ (وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا، طُلِّقَتْ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَهَا: " إِذَا طَهُرْتِ " يَقْتَضِي تَجَدُّدَ الطَّهَارَةِ، فَإِذَا كَانَتْ طَاهِرًا، لَمْ تُوجَدِ الطَّهَارَةُ الْمُتَجَدِّدَةُ إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، ضَرُورَةَ كَوْنِهَا طَهَارَةً مُتَجَدِّدَةً، (وَإِذَا قَالَتْ: حِضْتُ، وَكَذَّبَهَا، قُبِلَ قَوْلُهَا فِي نَفْسِهَا) بِغَيْرِ يَمِينٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] قِيلَ: هُوَ الْحَيْضُ، فَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ فِيهِ مَا حَرُمَ عَلَيْهَا كِتْمَانُهُ، وَلِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهَا، وَلِقَوْلِهِ: إِنْ أَضْمَرْتِ بُغْضِي، فَادَّعَتْهُ بِخِلَافِ دُخُولِ الدَّارِ، وَعَنْهُ: تُطَلَّقُ بِنِيَّتِهِ، فَيَخْتَبِرْنَهَا النِّسَاءُ بِإِدْخَالِ قُطْنَةٍ فِي الْفَرْجِ زَمَنَ دَعْوَاهَا الْحَيْضَ، فَإِنْ ظَهَرَ دَمٌ فَهِيَ حَائِضٌ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ مِنْ غَيْرِهَا كَدُخُولِ الدَّارِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يُعْتَبَرُ يَمِينُهَا؛ فِيهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا إِذَا ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا، وَأَنْكَرَهَا وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَقَوْلُهُ: قُبِلَ قَوْلُهَا فِي نَفْسِهَا، أَيْ: دُونَ غَيْرِهَا مِنْ طَلَاقِ أُخْرَى، أَوْ عِتْقِ عَبْدٍ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهَا دُونَ غَيْرِهَا.
(وَإِنْ قَالَ: قَدْ حِضْتِ، فَأَنْكَرَتْهُ - طُلِّقَتْ بِإِقْرَارِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ طَلَاقَهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُهَا (وَإِنْ قَالَ: إِنْ حِضْتِ فَأَنْتِ وَضَرَّتُكِ طَالِقَتَانِ، فَقَالَتْ: قَدْ حِضْتُ، وَكَذَّبَهَا - طُلِّقَتْ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ فِي حَقِّ نَفْسِهَا (دُونَ ضَرَّتِهَا) أَيْ: أَنَّ الضَّرَّةَ لَا تُطَلَّقُ إِلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى حَيْضِهَا، فَإِنِ ادَّعَتِ الضَّرَّةُ أَنَّهَا حَاضَتْ، لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهَا بِحَيْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute