قُتِلَ بِالسَّيْفِ، وَهَلْ يُقْتَلُ حَدًّا أَوْ لِكُفْرِهِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَهَلْ يُقْتَلُ حَدًّا أَوْ لِكُفْرِهِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ يُقْتَلُ كُفْرًا، وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى بُرَيْدَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَى عُبَادَةُ مَرْفُوعًا: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْمِلَّةِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَقَالَ عُمَرُ: لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ.
وَلِأَنَّهُ يَدْخُلُ بِفِعْلِهَا فِي الْإِيمَانِ، فَيَخْرُجُ بِتَرْكِهَا مِنْهُ، كَالشَّهَادَتَيْنِ، فَعَلَيْهَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْكُفَّارِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي: يُدْفَنُ مُنْفَرِدًا، وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ: مَنْ قُتِلَ مُرْتَدًّا تُرِكَ بِمَكَانِهِ، وَلَا يُدْفَنُ، وَلَا كَرَامَةَ، وَتَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَذَا بَعْدَهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ وَيُصَلِّي فِي الْأَشْهَرِ، وَالثَّانِيَةُ: يُقْتَلُ حَدًّا قَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ بَطَّةَ، وَذَكَرَ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَهِيَ أَصْوَبُ الْقَوْلَيْنِ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " لِلْعُمُومَاتِ، مِنْهَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ: «إِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَتِي لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى نَائِلَةٌ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَحَدِيثُ عُبَادَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَحْكُمُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ، فَلَمْ يَكْفُرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute