للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَشَاءَ ثَلَاثًا، فَشَاءَ ثَلَاثًا - طُلِّقَتْ ثَلَاثًا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ: لَا تُطَلَّقُ.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، طُلِّقَتْ، وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، عُتِقَتْ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَقَعُ الْعِتْقُ دُونَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

" الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ السَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِثَلَاثَةٍ، وَخُذْ دِرْهَمًا، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَكْثَرَ مِنْهُ (وَفِي الْآخَرِ: لَا تُطَلَّقُ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ؛ وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ وُقُوعَ الْوَاحِدَةِ عَلَى عَدَمِ مَشِيئَتِهَا الثَّلَاثَ، وَلَمْ يُوقِعْ بِمَشِيئَتِهَا شَيْئًا، أَشْبَهَ قَوْلَهُ: إِلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ، أَوْ شَاءَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَوَاحِدَةٌ.

١ -

(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، طُلِّقَتْ، وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، عُتِقَتْ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي " زَادِ الْمَسِيرِ ": لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدٍ، وَالْحَسَنِ، وَمَكْحُولٍ، وَقَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ؛ لِمَا رَوَى أَبُو حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهِيَ طَالِقٌ. رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ، وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: كُنَّا مَعْشَرَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَرَى الِاسْتِثْنَاءَ جَائِزًا فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ؛ وَلِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ يَرْفَعُ جُمْلَةَ الطَّلَاقِ حَالًا وَمَآلًا، فَلَمْ يَصِحَّ كَاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ؛ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ إِلَى عِلْمِهِ، أَشْبَهَ تَعْلِيقَهُ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ (وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَقَعُ الْعِتْقُ دُونَ الطَّلَاقِ) وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّ الْعِتْقَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالطَّلَاقَ لَيْسَ هُوَ لِلَّهِ، وَلَا فِيهِ قُرْبَةٌ إِلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَهَذَا تَعْلِيقٌ لِلْحُرِّيَّةِ عَلَى الْمِلْكِ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ وَلِأَنَّ نَذْرَ الْعِتْقِ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَافْتَرَقَا، قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": وَلَا يَصِحُّ عَنْ أَحْمَدَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا، لَكِنْ حَكَاهَا أَبُو حَامِدٍ الِإسْفَرَايِينِيُّ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي " الِانْتِصَارِ ": وَلَقَدْ أَبْطَلَ فِي حِكَايَةِ ذَلِكَ عَنْهُ، وَعَكَسَ فِي " التَّرْغِيبِ " هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَقَالَ: يَا طَالِقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْلَى بِالْوُقُوعِ، وَعَنْهُ: لَا يَقَعَانِ، اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ؛ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>