اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، أَوْ نَسَجَهُ، أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا طَبَخَهُ زَيْدٌ، فَلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، أَوِ اشْتَرَيَاهُ، أَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ طَبَخَاهُ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، فَإِنِ اشْتَرَى غَيْرُهُ شَيْئًا، فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ، فَأَكَلَ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ - حَنِثَ، وَإِنْ أَكَلَ مِثْلَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَالْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، فَإِنْ نَوَى فِعْلِ الْجَمِيعِ، أَوْ كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ - لَمْ يَحْنَثْ إِلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ بِلَا خِلَافٍ.
فَرْعٌ: إِذَا حَلَفَ: لَا شَرِبْتُ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ، فَشَرِبَ مِنْهُ - حَنِثَ، سَوَاءً كَرَعَ مِنْهُ، أَوِ اغْتَرَفَ مِنْهُ فَشَرِبَهُ، وَإِنْ شَرِبَ مِنْ نَهْرٍ يَأْخُذُ مِنْهُ حَنِثَ فِي وَجْهٍ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ شَيْءٍ فَاسْتَقَى، أَوْ لَا يَشْرَبُ مِنْ شَاةٍ فَحُلِبَ وَشَرِبَهُ.
وَالثَّانِي: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يُضَافُ إِلَى النَّهْرِ لَا إِلَى الْفُرَاتِ، وَكَغَيْرِهِ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ، فَلَقَطَ مِنْ تَحْتِهَا وَأَكَلَ - حَنِثَ، بِخِلَافِ أَكْلِ وَرَقِهَا وَأَطْرَافِ أَغْصَانِهَا.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ: إِنْ قَرِبْتِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - دَارَ أَبِيكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَدْخُلَهَا، فَلَوْ قَالَهُ - بِضَمِّ الرَّاءِ - وَقَعَ بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا وَلُصُوقِهَا بِجِدَارِهَا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا كَذَلِكَ، ذَكَرَهُمَا فِي " الرَّوْضَةِ "، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ قَرِبَ بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى دَخَلَ، وَلَعَلَّهُ عُرْفٌ خَاصٌّ.
(وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، أَوْ نَسَجَهُ، أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا طَبَخَهُ زَيْدٌ، فَلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، أَوِ اشْتَرَيَاهُ، أَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ طَبَخَاهُ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَشْهَرُهُمَا: يَحْنَثُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ، فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا وَغَزْلِ غَيْرِهَا. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْ ثَوْبًا كَامِلًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مَا خَاطَهُ زَيْدٌ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ ثَوْبٍ خَاطَاهُ جَمِيعًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: ثَوْبًا خَاطَهُ زَيْدٌ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، فَأَكَلَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ - حَنِثَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ لَا يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِالشِّرَاءِ.
وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ احْتِمَالًا: لَا حَنِثَ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِشِرَائِهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، فَلَبِسَ ثَوْبًا اشْتَرَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ (فَإِنِ اشْتَرَى غَيْرُهُ شَيْئًا، فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ، فَأَكَلَ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ - حَنِثَ) وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ أَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، وَهُوَ شَرْطُ الْحِنْثِ (وَإِنْ أَكَلَ مِثْلَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute