للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجْعَتُهَا. وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَكُونُ بَائِنَةً، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ حُبِسَ وَضُيِّقَ عَلَيْهِ حَتَّى يُطَلِّقَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى يُطَلِّقُ عَلَيْها الْحَاكِمُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَهُوَ كَطَلَاقِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَيْ: مَتَى شَاءَتْ؛ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِتَرْكِ مَا يَتَجَدَّدُ مَعَ الْأَحْوَالِ كَمَا لَوْ أُعْسِرَ بِالنَّفَقَةِ فَعَفَّتْ عَنِ الْمُطَالَبَةِ، ثُمَّ طَالَبَتْ، وَفَارَقَ الْفَسْخَ لِلْعُنَّةِ، فَإِنَّهُ فَسْخٌ لِعَيْبِهِ، فَمَتَى رَضِيَتْ بِالْعَيْبِ سَقَطَ حَقُّهَا كَمَا لَوْ عَفَى الْمُشْتَرِي عَنْ عَيْبِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ سَكَتَتْ عَنِ الْمُطَالَبَةِ، ثُمَّ طَالَبَتْ فَلَهَا ذَلِكَ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ حَقَّهَا ثَبَتَ عَلَى التَّرَاخِي، فَلَمْ يَسْقُطْ بِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ كَاسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ. (وَإِنْ لَمْ تُعْفِهِ أُمِرَ بِالطَّلَاقِ) إِنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] . فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ فَقَدِ امْتَنَعَ مِنَ الْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ فَيُؤْمَرُ بِالتَّسْرِيحِ بِالْإِحْسَانِ. (فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَلَهُ رَجْعَتُهَا) سَوَاءٌ كَانَ الْمُؤْلِي أَوِ الْحَاكِمُ فِي الْأَشْهُرِ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ صَادَفَ مَدْخُولًا بِهَا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَلَا اسْتِيفَاءِ عِدَدٍ، فَكَانَ رَجْعِيًّا كَالطَّلَاقِ فِي غَيْرِ الْإِيلَاءِ وَيُفَارِقُ فُرْقَةَ الْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ لِعَيْبٍ. (وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَكُونُ بَائِنَةً) وَقَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، فَكَانَتْ بَائِنَةً كَالْمُخْتَلِعَةِ. وَعَنْهُ مِنْ حَاكِمٍ، لَا مِنْهُ. قَالَ الْقَاضِي: الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي فُرْقَةِ الْحَاكِمِ أَنَّهَا تَكُونُ بَائِنًا، وَقَالَ الْأَثْرَمُ: فَأَمَّا تَفْرِيقُ السُّلْطَانِ فَلَيْسَ فِيهِ رَجْعَةٌ كَاللِّعَانِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الزَّوْجَ أَوِ الْحَاكِمَ إِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا، فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَلَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ.

فَرْعٌ: إِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، ثُمَّ ارْتَجَعَهَا، أَوْ تَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، أَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقَفَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ وَطْئِهَا بِيَمِينٍ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ أَشْبَهَ مَا لَوْ رَاجَعَهَا. وَإِنْ بَقِيَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْإِيلَاءِ لِقُصُورِهِ عَنْ مُدَّتِهِ (وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ حُبِسَ وَضُيِّقَ عَلَيْهِ حَتَّى يُطَلِّقَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) . قَدَّمَهَا فِي " الرِّعَايَةِ " و" الْفُرُوعِ " وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ مُفْضٍ إِلَى زَوَالِ ضَرَرِ الْمَرْأَةِ الْمَطْلُوبِ زَوَالُهُ، فَعَلَيْهَا لَيْسَ لِلْحَاكِمِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إِذَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَاخْتِيَارِهِ لِبَعْضِ الزَّوْجَاتِ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ. (وَالْأُخْرَى يُطَلِّقُ عَلَيْها الْحَاكِمُ) قَدَّمَهَا فِي " الْكَافِي "

<<  <  ج: ص:  >  >>