للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِيرَانُ، فَإِن اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا.

وَالْأَذَانُ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً لَا تَرْجِيعَ فِيهِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لَا يُرِيدَانِ أَنْ يَفُوتَهُمَا (قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدَّمَ بِلَالًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ لِكَوْنِهِ أَنْدَى صَوْتًا مِنْهُ، وَقِسْنَا بَقِيَّةَ الْخِصَالِ عَلَيْهِ، فَإِنِ اسْتَوَوْا فِيهَا فَقَالَ: ثُمَّ أَفْضَلُهُمَا فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ، وَلِأَنَّهُ إِذَا قُدِّمَ بِالْأَفْضَلِيَّةِ فِي الصَّوْتِ فَفِي الْأَفْضَلِيَّةِ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلِأَنَّ مُرَاعَاتَهُمَا أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الصَّوْتِ، لِأَنَّ الضَّرَرَ بِفَقْدِهِمَا أَشَدُّ (ثُمَّ مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ) كَذَا فِي " الْفُرُوعِ " و" الشَّرْحِ " لِأَنَّ الْأَذَانَ لِإِعْلَامِهِمْ، فَكَانَ لِرِضَاهُمْ أَثَرٌ فِي التَّقْدِيمِ، وَلِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ يَبْلُغُهُمْ صَوْتُهُ، وَمَنْ هُوَ أَعَفُّ مِنَ النَّظَرِ، وَحُكْمُ أَكْثَرِهِمْ كَالْكُلِّ، وَذَكَرَ فِي " الْكَافِي " هَذَا رِوَايَةً (فَإِنِ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَتَشَاحَّ النَّاسُ فِي الْأَذَانِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ، لِأَنَّهَا تُزِيلُ الْإِيهَامَ، وَيُجْعَلُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ كَالْمُسْتَحِقِّ الْمُتَعَيِّنِ.

وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ الْقُرْعَةُ عَلَى مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَقَدَّمَهَا فِي " الْكَافِي " و" التَّلْخِيصِ " و" الْبُلْغَةِ " وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْأَدْيَنُ الْأَفْضَلُ فِيهِ، ثم القرعة جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ ".

وَذَكَرَ الْقَاضِي، وَالسَّامِرِيُّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " أَنَّهُمَا مَعَ الِاسْتِوَاءِ يُقَدَّمُ مَنْ لَهُ مَزِيَّةٌ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ أَوِ التَّقَدُّمِ بِالْأَذَانِ فِيهِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يُقَدَّمُ مَنْ لَهُ التَّقْدِيمُ، ثُمَّ الْأَعْقَلُ، ثُمَّ الْأَدْيَنُ، ثُمَّ الْأَفْضَلُ فِيهِ، ثُمَّ الْأَخْبَرُ بِالْوَقْتِ، ثُمَّ الْأَعْمَرُ لِلْمَسْجِدِ الْمُرَاعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>