أَحَدُهُمَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَإِنَّ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، وَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَثِمَ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَتُجْزِئُهُ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَحْرِيمٌ، فَإِذَا عَزَمَ عَلَى اسْتِبَاحَتِهَا فَقَدْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ التَّحْرِيمِ، فَكَانَ عَائِدًا، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالتَّكْفِيرِ عَقِبَ الْعَوْدِ قَبْلَ التَّمَاسِّ، وَكَلَامُهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْعَوْدَ لَيْسَ هُوَ إِمْسَاكَ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا عَقِبَ يَمِينِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمٌ قَصَدَهُ وَفَعَلَ مَا حَرَّمَهُ دُونَ الْإِمْسَاكِ، وَلِأَنَّ الْعَوْدَ فِعْلٌ، وَالْإِمْسَاكُ تَرْكُ الطَّلَاقِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣] وَ " ثُمَّ " لِلتَّرَاخِي، وَالْمُهْلَةِ، وَذَلِكَ يُنَافِي الْإِمْسَاكَ عَقِبَ الظِّهَارِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ لَمْ يُوجِبُوا الْكَفَّارَةَ عَلَى الْعَازِمِ عَلَى الْوَطْءِ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ إِلَّا أَبَا الْخَطَّابِ، فَإِنَّهُ قَالَ: إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْعَزْمِ، أَوْ طَلَّقَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنْكَرَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. حَكَاهُ الْمُؤَلِّفُ، وَقَطَعَ فِي " الْمُحَرَّرِ " بِالْكَفَّارَةِ، وَحَكَاهُ عَنِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ.
(وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) . وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ، لَا تَجِبُ بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ فَارَقَهَا قَبْلَ الْعَوْدِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَهَا هُوَ الْوَطْءُ، وَلَمْ يُوجَدْ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَأَيُّهُمَا مَاتَ وَرِثَهُ الْآخَرُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ. وَجَوَابُهُ: أَنَّ مَنْ وَرِثَهَا إِذَا كَفَّرَ وَرِثَهَا، وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ كَالْمُؤْلِي مِنْهَا (وَإِنْ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ) سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ رَجَعَتْ إِلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ، أَوْ لَا. نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ لِلْآيَةِ.
وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي امْرَأَتِهِ، فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَتَمَاسَّا حَتَّى يُكَفِّرَ كَالَّتِي لَمْ يُطَلِّقْهَا، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ، فَلَمْ يَبْطُلْ حُكْمُهَا بِالطَّلَاقِ كَالْإِيلَاءِ. (وَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَثِمَ) مُكَلَّفٌ ; لِأَنَّهُ بِوَطْئِهِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ عَاصٍ رَبَّهُ لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ (وَاسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ) وَلَوْ مَجْنُونًا. نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَسْقُطُ بَعْدَ ذَلِكَ كَالصَّلَاةِ إِذَا غَفَلَ عَنْهَا فِي وَقْتِهَا وَتَحْرِيمُ زَوْجَتِهِ بَاقٍ عَلَيْهِ حَتَّى يُكَفِّرَ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا وَأَنَّهُ كَالْيَمِينِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ، وَكَذَا فِي " التَّرْغِيبِ " وَجْهَانِ كَالْإِيلَاءِ. وَفِي " الِانْتِصَارِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute