وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَوَلَدُ الزِّنَا، وَالصَّغِيرُ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إِذَا صَلَّى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْهَدْيِ أَشْبَهَ الْعَمَى،
١ -
(وَالْمُدَبَّرُ) فِي قَوْلِ طَاوُسٍ ; لِأَنَّهُ عَبْدٌ كَامِلُ الْمَنْفَعَةِ لَمْ يَحْصُلْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ عِوَضٌ كَالْقَنِّ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَإِنْ قِيلَ: بِعَدَمِ جَوازِهِ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ. قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالْأَكْثَرُ ; لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحِقٌّ بِسَبَبٍ آخَرَ أَشْبَهَ أُمَّ الْوَلَدِ. (وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ) قَبْلَ وُجُودِهَا ; لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ تَامٌّ (وَوَلَدِ الزِّنَا) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِدُخُولِهِ فِي الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ مُسْلِمٌ كَامِلُ الْعَقْلِ لَمْ يُعْتَقْ عَنْ شَيْءٍ، وَلَا اسْتَحَقَّ عِتْقَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ أَشْبَهَ وَلَدَ الرَّشِيدَةِ. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: هُوَ الْمُلَازِمُ لِلزِّنَا كَمَا يُقَالُ: ابْنُ السَّبِيلِ الْمُلَازِمُ لَهَا وَوَلَدُ اللَّيْلِ يَسِيرُ فِيهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يُجْزِئُ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ شَرُّ الثَّلَاثَةِ أَصْلًا وَعُنْصُرًا وَنَسَبًا ; لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ مَاءِ الزِّنَا، وَهُوَ خَبِيثٌ. وَأَنْكَرَ قَوْمٌ هَذَا التَّفْسِيرَ، وَقَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ وِزْرِ وَالِدَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ شَرُّهُمْ إِذَا عَمِلَ عَمَلَهُمْ، فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ انْدَفَعَ الْإِشْكَالُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى أَحْكَامِ الْآخِرَةِ، وَأَمَّا أَحْكَامُ الدُّنْيَا فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِي صِحَّةِ إِمَامَتِهِ وَبَيْعِهِ وَعِتْقِهِ، وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ، فَكَذَا فِي عِتْقِهِ عَنِ الْكَفَّارَةِ وَيُجْزِئُ مَعَ كَمَالِ أَجْرِهِ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَيَشْفَعُ مَعَ صِغَرِهِ فِي أُمِّهِ، لَا أَبِيهِ (وَالصَّغِيرُ) كَذَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ: لَهُ سَبْعُ سِنِينَ إِنِ اشْتَرَطَ الْإِيمَانَ قَالَهُ فِي " الْوَجِيزِ " لِدُخُولِهِ فِي الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ يُرْجَى مَنَافِعُهُ فَأَجْزَأَ كَالْمَرِيضِ. وَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ الْإِسْلَامُ بِدَلِيلِ إِعْتَاقِ الْفَاسِقِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ مُؤْمِنُونَ عِنْدَنَا فِي الْأَحْكَامِ، وَلَا نَدْرِي مَا هُمْ عِنْدَ اللَّهِ، وَلِهَذَا تَعَلَّقَ حُكْمُهُ بِكُلِّ مُسْلِمٍ (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إِذَا صَلَّى وَصَامَ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْفِعْلُ دُونَ السِّنِّ، فَمَنْ صَلَّى وَصَامَ مِمَّنْ لَهُ عَقْلٌ يَعْرِفُهُمَا وَيَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْآيَتَانِ بِنِيَّتِهِ وَأَرْكَانِهِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ السَّبْعَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُوجَدُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا ; لِأَنَّهُ عَاجِزٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَشْبَهَ الزَّمَنَ. وَقَدَّمَ فِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّهُ يُجْزِئُ ابْنُ سَبْعٍ إِذَا صَلَّى وَصَامَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute