الْقَاضِي: لَا يُجْزِئُهُ وَلَا يُجْزِئُ مِنَ الْبُرِّ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ أَقَلَّ مِنْ مُدَّيْنِ وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَسَطَهُ قَدْرًا ونوعا مُطْلَقًا بِلَا تَقْدِيرٍ، (وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُجْزِئُهُ) سَوَاءٌ كَانَ قُوتَ بَلَدِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ ; لِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ بِإِخْرَاجِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ فِي الْفِطْرَةِ، فَلَمْ يَجُزْ غَيْرُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ قُوتَ بَلَدِهِ. وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ (وَلَا يُجْزِئُ مِنَ الْبُرِّ) أَوْ دَقِيقِهِ (أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ) . وَقَالَ زَيْدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثَنَا أَيُّوبٌ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ، قَالَ: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ بِنِصْفِ وِسْقِ شَعِيرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُظَاهِرِ: أَطْعِمْ هَذَا، فَإِنَّ مُدَّيْ شَعِيرٍ مَكَانُ مُدِّ بُرٍّ» ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا «رُوِيَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ مِكْتَلًا فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ: أَطْعِمْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَذَلِكَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَهُوَ لِلتِّرْمِذِيِّ بِمَعْنَاهُ. (وَلَا مِنْ غَيْرِهِ أَقَلَّ مِنْ مُدَّيْنِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَإِنَّ مُدَّيْ شَعِيرٍ مَكَانَ مُدِّ بُرٍّ» وَهُوَ مُرْسَلٌ جَيِّدٌ. وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: يَعْنِي بِالْعَرَقِ زِنْبِيلًا يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَإِذَنِ الْعِرْقَانِ ثَلَاثُونَ صَاعًا فَيَكُونُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ. وَلِأَبِي دَاوُدَ فِي رِوَايَةٍ: الْعِرْقُ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا، وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ. وَعَنْهُ: مُدَّانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ لِحَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ أَوْسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: عَطَاءٌ لَمْ يُدْرِكْ أَوْسًا. وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِ الْمَجَامِعِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى بِعَرَقٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ: خُذْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ» وَلِأَنَّهُ إِطْعَامٌ وَاجِبٌ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الْمُخْرَجِ كَالْفِطْرَةِ. وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ سِوَاهُ وَلِذَلِكَ لَمَّا أَخْبَرَهُ بِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ أَمَرَهُ بِأَكْلِهِ، وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ صَاعًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَذْهَبًا لِأَحَدٍ. (وَلَا مِنَ الْخُبْزِ) إِذَا قُلْنَا بِإِجْزَائِهِ (أَقَلَّ مِنْ رِطْلَيْنِ بِالْعِرَاقِيِّ) أَيْ: مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُدٌّ ; لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَبْلُغُ مُدًّا ; لِأَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ الدِّمَشْقِيِّ، وَهُوَ بِهِ خَمْسُ أَوَاقٍ وَسَبْعُ أُوقِيَّةٍ، فَإِنْ كَانَ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute