للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةٌ فَنَوَى عَنْ كَفَارَتِي أَجْزَأَهُ. وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَارَّاتٌ مِنْ جِنْسٍ فَنَوَى إِحْدَاها أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَجْنَاسٍ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَافْتَقَرَ إِلَى النِّيَّةِ كَالزَّكَاةِ، (وَكَذَلِكَ الْإِعْتَاقُ، وَالصِّيَامُ) لِحَدِيثِ «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلِقَوْلِهِ «لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ» لِأَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ مُتَبَرِّعًا بِهِ. وَعَنْ كَفَّارَةٍ أُخْرَى، أَوْ نَذْرٍ، فَلَمْ يَنْصَرِفْ إِلَى هَذِهِ الْكَفَّارَةِ إِلَّا بِنِيَّةٍ. وَصَفَتُهَا أَنْ يَنْوِيَ الْعِتْقَ، أَوِ الصِّيَامَ، أَوِ الْإِطْعَامَ عَنِ الْكَفَّارَةِ، فَإِنْ زَادَ " الْوَاجِبَةَ " فَتَأْكِيدٌ، وَإِنْ نَوَى وُجُوبَهَا وَلَمْ يَنْوِ الْكَفَّارَةَ، لَمْ يُجْزِئْهُ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَتَنَوَّعُ فَوَجَبَ تَمْيِيزُهُ. وَمَوْضِعُهَا مَعَ التَّكْفِيرِ أَوْ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ، فَإِنْ كَانَتِ الْكَفَّارَةُ صِيَامًا اشْتَرَطَ نِيَّةَ الصِّيَامِ عَنِ الْكَفَّارَةِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِلْخَبَرِ. (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ) لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْيِينُ سَبَبِهَا سَوَاءٌ عَلِمَهَا أَوْ جَهِلَهَا، فَإِنْ عَيَّنَهُ فَغَلِطَ أَجْزَأَهُ عَمَّا يَتَدَاخَلُ، وَهِيَ الْكَفَّارَاتُ عَنْ جِنْسٍ، (فَنَوَى عَنْ كَفَارَتِي أَجْزَأَهُ) لِأَنَّ النِّيَّةَ تَعَيَّنَتْ لَهُ، وَلِأَنَّهُ نَوَى عَنْ كَفَّارَتِهِ، وَلَا مُزَاحِمَ لَهَا فَوَجَبَ تَعْلِيقُ النِّيَّةِ بِهَا. (وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ مِنْ جِنْسٍ) كَمَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ (فَنَوَى إِحْدَاهَا أَجْزَأَهُ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، فَإِذَا عَتَقَ عَبْدًا عَنْ ظِهَارِهِ أَجْزَأَهُ عَنْ إِحْدَاهُنَّ وَحَلَّتْ لَهُ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ ; لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَأَجْزَأَتْهُ نِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ. وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، فَتَخْرُجُ الْمُحَلِّلَةُ مِنْهُنَّ بِالْقُرْعَةِ. وَقَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا إِلَى أَيَّتِهِنَّ شَاءَ فَتَحِلُّ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ الظِّهَارُ مِنْ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ فَأَعْتَقَ، ثُمَّ صَامَ، ثُمَّ أَطْعَمَ حَلَّ الْجَمِيعُ مِنْ غَيْرِ قَرْعَةٍ ; لِأَنَّ التَّكْفِيرَ حَصَلَ عَنِ الثَّلَاثِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ عَنِ الْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً. (وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَجْنَاسٍ) كَظِهَارٍ، وَقَتْلٍ، وَيَمِينٍ، فَأَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ إِحْدَاهَا، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ (فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ) . وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَاجِبَةٌ، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إِلَى صِحَّةِ أَدَائِهَا إِلَى تَعْيِينِ سَبَبِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا مِنْ جِنْسٍ، وَلِأَنَّ آحَادَهَا لَا تَفْتَقِرُ إِلَى تَعْيِينِ النِّيَّةِ، بِخِلَافِ الصَّلَوَاتِ.

(وَعِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>