للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّنَا، ثُمَّ تَقُولُ هِيَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ تَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا.

فَإِنْ نَقَصَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ شَيْئًا، أَوْ بَدَأَتْ بِاللِّعَانِ قَبْلَهُ، أَوْ تَلَاعَنَا بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْحَاكِمِ، أَوْ نَائِبِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَإِنْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ أَشْهَدُ بِأُقْسِمُ، أَوْ أَحْلِفُ، أَوْ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بِالْإِبْعَادِ، أَوِ الْغَضَبِ بِالسُّخْطِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَحَدُهَا: اسْتِعْمَالُهُ الْأَلْفَاظَ الْخَمْسَةَ، فَإِنْ (نَقَصَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ شَيْئًا) وَلَوْ قَلَّ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ، فَلَمْ يَجُزِ النَّقْصُ مَنْ عَدَدِهَا كَالشَّهَادَةِ، (أَوْ بَدَأَتْ بِاللِّعَانِ قَبْلَهُ) لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ، وَكَذَا إِنْ قَدَّمَ الرَّجُلُ اللَّعْنَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ قَدَّمَتْ هِيَ الْغَضَبَ عَلَيْهَا ; لِأَنَّ لِعَانَ الرَّجُلِ بَيِّنَةٌ لِإِثْبَاتٍ، وَلِعَانُهَا بَيِّنَةٌ لِإِنْكَارٍ، فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ الْإِنْكَارِ عَلَى الْإِثْبَاتِ (أَوْ تَلَاعَنَا بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْحَاكِمِ، أَوْ نَائِبِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) ، لِأَنَّهُ يَمِينٌ فِي دَعْوَى فَاعْتُبِرَ فِيهِ أَمْرُ الْحَاكِمِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى.

الرَّابِعُ: أَنْ يَأْتِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاللِّعَانِ بَعْدَ إِلْقَائِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَادَرَ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ قَبْلَ أَنْ يُحَلِّفَهُ الْحَاكِمُ.

الْخَامِسُ: الْإِشَارَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا، أَوْ يُسَمِّيَهُ وَيَنْسُبَهُ إِنْ كَانَ غَائِبًا. وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا مَعًا بَلْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا عَنْ صَاحِبِهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْمَرْأَةُ عَلَى بَابِهِ لِعُذْرٍ جَازَ.

(وَإِنْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ أَشْهَدُ بِأُقْسِمُ، أَوْ أَحْلِفُ، أَوْ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بِالْإِبْعَادِ، أَوِ الْغَضَبِ بِالسُّخْطِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ السَّادِسُ لِصِحَّةِ اللِّعَانِ، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَلْفَاظِ عَلَى صُورَةِ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ ; لِأَنَّ اتِّبَاعَ لَفْظِ النَّصِّ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ مَوْضِعٌ وَرَدَ الشَّرْعُ فِيهِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، أَشْبَهَ الشَّهَادَةَ فِي الْحُقُوقِ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَصَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، وَالْآخَرُ يُعْتَدُّ بِهِ ; لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَعْنَى، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَبْدَلَ: إِنِّي لِمَنِ الصَّادِقِينَ بِقَوْلِهِ لَقَدْ زَنَتْ. قَالَ الْخِرَقِيُّ: يَقُولُ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ زَنَتْ، وَلَيْسَ هَذَا لَفْظَ النَّصِّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ ذِكْرَ اللَّفْظِ، وَلَكِنْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>