الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَمْ يَسْتَدِرْ، وَيَجْعَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَيَتَوَلَّاهُمَا مَعًا، وَيُقِيمَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَبْدُوسٍ، فَإِنَّهُ قَطَعَ بِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ لَهُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يُسَنُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُتَطَهِّرًا مِنْ نَجَاسَةِ بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ، وَرُبَّمَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ (عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ) أَيْ: مُرْتَفِعٍ كَالْمَنَارَةِ، وَنَحْوِهَا لِحَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ، فَلَوْ خَالَفَ صَحَّ وَكُرِهَ، كَالْخُطْبَةِ (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ مُرْسَلًا أَنَّ الَّذِي رَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ اسْتَقْبَلَ، وَأَذَّنَ، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ، وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ، فَلَوْ خَالَفَ فَكَالَّذِي قَبْلَهُ (فَإِذَا بَلَغَ الْحَيْعَلَةَ) وَهِيَ كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، كَمَا يُقَالُ بَسْمَلَ، وَسَبْحَلَ، وَهَيْلَلَ، وَنَحْوُهَا (الْتَفَتَ) بِرَأْسِهِ وَعُنُقِهِ وَصَدْرِهِ، وَظَاهِرُ " الْمُحَرَّرِ " أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ بِصَدْرِهِ (يَمِينًا وَشِمَالًا) فَيَكُونُ يَمِينًا حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ يُعِيدُهُ يَسَارًا، ثُمَّ كَذَلِكَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، وَقِيلَ: يَقُولُ يَمِينًا: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَسَارًا: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةً، وَهُوَ سَهْوٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَمِينًا: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ، وَيَسَارًا: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ (وَلَمْ يَسْتَدِرْ) أَيْ: لَا يُزِيلُ قَدَمَيْهِ، قَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِمَا رَوَى أَبُو جُحَيْفَةَ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، فَخَرَجَ، وَتَوَضَّأَ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ، فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا، وَهَاهُنَا، يَقُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِيهِ: «فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَمْ يَسْتَدِرْ» وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمَنَارَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْجِبْهُ الدَّوَرَانُ فِي الْمَنَارَةِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَعَنْهُ: يُزِيلُ قَدَمَيْهِ فِي الْمَنَارَةِ، وَنَحْوِهَا، نَصَرَهُ فِي " الْخِلَافِ "، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الرَّوْضَةِ " لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِدُونِ ذَلِكَ، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: مَعَ كِبَرِ الْبَلَدِ لِلْحَاجَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ فِي الْإِقَامَةِ، وَهُوَ وَجْهٌ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَجَزَمَ بِهِ الْآجُرِّيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute