للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ بِهِ، أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي نَفْيَهُ، أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ. وَإِنْ أَخَّرَهُ لِحَبْسٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ غَيْبَةٍ، أَوْ شَيْءٍ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ، وَمَتَى أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ لَحِقَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَنَّ لِي نَفْيَهُ، أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ) وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ كَعَامَّةِ النَّاسِ قُبِلَ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُمْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ كَحَدِيثِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ، فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَقِيلَ: بَلَى ; لِأَنَّ الْفَقِيهَ يَخْفَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْأَحْكَامِ. (وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ) بِمَا ذَكَرْنَا (قَبْلَ قَوْلِهِ) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ (وَلَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. (وَإِنْ أَخَّرَهُ لِحَبْسٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ غَيْبَةٍ، أَوْ شَيْءٍ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ) أَيْ: إِذَا كَانَ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ الْحُضُورَ كَمَا مَثَّلَهُ وَكَالِاشْتِغَالِ بِحِفْظِ مَالٍ يَخَافُ ضَيْعَتَهُ، فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ ذَلِكَ قَصِيرَةً لَمْ يَبْطُلْ نَفْيُهُ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَلِمَ لَيْلًا فَأَخَّرَهُ إِلَى الصُّبْحِ، وَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً وَأَمْكَنَهُ السَّفَرُ إِلَى حَاكِمٍ لِيَبْعَثَ إِلَيْهِ مَنْ يَسْتَوْفِي عَلَيْهِ اللِّعَانَ، وَالنَّفْيَ، فَلَمْ يَفْعَلْ سَقَطَ نَفْيُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَشْهَدَ عَلَى نَفْيِهِ أَنَّهُ نَافٍ لِوَلَدِ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَ خِيَارُهُ ; لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَفْيِهِ قَامَ الْإِشْهَادُ مَقَامَهُ.

فَرْعٌ: إِذَا قَالَ لَمْ أُصَدِّقِ الْمُخْبِرَ بِهِ، وَهُوَ عَدْلٌ، أَوَ قَدِ اسْتَفَاضَ الْخَبَرُ؛ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَإِلَّا قُبِلَ مِنْهُ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَزِمَهُ الْوَلَدُ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (وَمَتَى أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ لَحِقَهُ النَّسَبُ) أَيْ: إِذَا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ وَنَفَى وَلَدَهَا، ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ إِذَا كَانَ حَيًّا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَكَذَا إِنْ كَانَ مَيِّتًا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ الْمَيِّتَ، وَكَانَ ذَا مَالٍ لَمْ يَلْحَقْهُ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَدَّعِي مَالًا وَإِلَّا لَحِقَهُ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْمَيِّتُ تَرَكَ وَلَدًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنَ الْمُسْتَلْحِقِ، وَتَبِعَهُ نَسَبُ ابْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرَكَ وَلَدًا لَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَلَا يَرِثُ مِنْهُ الْمُدَّعِي شَيْئًا ; لِأَنَّ نَسَبَهُ مُنْقَطِعٌ بِالْمَوْتِ. وَجَوَابُهُ: أَنَّ هَذَا وَلَدٌ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ، فَكَانَ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا، وَلِأَنَّهُمْ جَعَلُوا نَسَبَ وَلَدِ الْوَلَدِ تَابِعًا لَنَسَبِ ابْنِهِ، أَيْ: يَتْبَعُ الْأَصْلُ الْفَرْعَ، وَهُوَ مَرْدُودٌ. وَعَنِ الثَّوْرِيِّ: إِنَّمَا يَدَّعِي النَّسَبَ، وَالْمِيرَاثُ تَبَعٌ لَهُ. (وَلَزِمَهُ الْحَدُّ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>