مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَهَا، أَوْ فَارَقَهَا حَامِلًا فَوَضَعَتْ، ثُمَّ أَتَتْ بِآخَرَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهَا كَالَّتِي يَتَزَوَّجُهَا بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ يَتَزَوَّجُهَا وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي أَتَتْ بِالْوَلَدِ فِيهَا، أَوْ يَكُونُ صَبِيًّا لَهُ دُونَ عَشْرِ سِنِينَ، أَوْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ لَمْ يَلْحَقْهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَإِنَّمَا يَكْتَفِي بِالْإِمْكَانِ لِنَفْيِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفِرَاشَ سَبَبٌ، وَمَعَ وُجُودِ السَّبَبِ يَكْتَفِي بِإِمْكَانِ الْحِكْمَةِ، فَإِذَا انْتَفَى السَّبَبُ انْتَفَى الْحُكْمُ لِانْتِفَائِهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إِذَا أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْقُرُوءِ، ثُمَّ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ آخِرِ أَقْرَاهَا يَلْحَقُهُ. صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " لِعِلْمِنَا أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا فِي زَمَنِ رُؤْيَةِ الدَّمِ فَيَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ الدَّمُ حَيْضًا. (أَوْ فَارَقَهَا حَامِلًا فَوَضَعَتْ، ثُمَّ أَتَتْ بِآخَرَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) ، لَمْ يَلْحَقْهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْه يَكُونَ الْوَلَدَانِ حَمْلًا وَاحِدًا، وَبَيْنَهُمَا مُدَّةَ الْحَمْلِ، فَعُلِمَ أَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً كَسَائِرِ الْأَجْنَبِيَّاتِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إِذَا وَضَعَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ. (أَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهَا) وَلَهُ صُوَرٌ (كَالَّتِي يَتَزَوَّجُهَا بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فِي الْمَجْلِسِ) . قَبْلَ غَيْبَتِهِ عَنْهُمْ وَتَأْتِي بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ عِلْمٌ حِسِّيٌّ وَنَظَرِيٌّ. (أَوْ يَتَزَوَّجُهَا وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ) بَعِيدَةٌ (لَا يَصِلُ إِلَيْهَا فِي الْمَدَّةِ الَّتِي أَتَتْ بِالْوَلَدِ فِيهَا) كَمَشْرِقِيٍّ يَتَزَوَّجُ مَغْرِبِيَّةً، فَإِنَّ الْوَقْتَ لَا يَسَعُ مُدَّةَ الْوِلَادَةِ، وَقُدُومَهُ، وَوَطْأَهُ بَعْدَهُ. وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ مُمْكِنًا. وَالْمُرَادُ: وَعَاشَ وَإِلَّا لَحِقَهُ بِالْإِمْكَانِ كَمَا بَعْدَهَا، قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إِمْكَانُ الْوَطْءِ فِي هَذَا الْعَقْدِ، فَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ كَزَوْجَةِ الطِّفْلِ، أَوْ كَمَا لَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَالْإِمْكَانُ إِذَا وُجِدَ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ قَطْعًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ، فَعَلَّقْنَا الْحُكْمَ عَلَى إِمْكَانِهِ فِي النِّكَاحِ، وَلَمْ يَجُزْ حَذْفُ الْإِمْكَانِ عَنِ الِاعْتِبَارِ ; لِأَنَّهُ إِذَا انْتَفَى حَصَلَ الْيَقِينُ بِانْتِفَائِهِ عَنْهُ. وَفِي " التَّعْلِيقِ " وَ " الْوَسِيلَةِ " وَ " الِانْتِصَارِ ": وَلَوْ أَمْكَنَ، وَلَا يُخْفِي السَّيْرَ كَأَمِيرٍ وَتَاجِرٍ كَبِيرٍ. وَمَثَّلَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " بِالسُّلْطَانِ، وَالْحَاكِمِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ مِثْلَهُ لَمْ يَقْضِ بِالْفِرَاشِ، وَهِيَ مِثْلُهُ. (أَوْ يَكُونَ صَبِيًّا لَهُ دُونَ عَشْرِ سِنِينَ) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ (أَوْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute