الْحَيَاةِ، أَوِ الْمَمَاتِ. وَالْحَمْلُ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ. فَإِنْ وَضَعَتْ مُضْغَةً لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرَ ثِقَاتٌ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّهُ مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، فَهَلْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَا يَلْحَقُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ. وَآيَةُ الْحَمْلِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ آيَةِ الْأَشْهُرِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ شَاءَ بَاهَلَتْهُ، أَوْ لَاعَنَتْهُ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ الْقُصْرَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] نَزَلَتْ بَعْدَ آيَةِ الْبَقَرَةِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: ٢٣٤] الْآيَةَ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ، وَلِأَنَّهَا مُعْتَدَّةُ حَامِلٍ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ كَالْمُطَلَّقَةِ إِذِ الْوَضْعُ أَدَلُّ الْأَشْيَاءِ عَلَى بَرَاءَتِهَا، فَلَوْ ظَهَرَ بَعْضُهُ فَهِيَ فِي عِدَّتِهَا حَتَّى يَنْفَصِلَ بَاقِيهِ. وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إِلَّا بِوَضْعِ الْآخَرِ. وَعَنْهُ: بِالْأَوَّلِ. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقَالَهُ أَبُو قِلَابَةَ وَعِكْرِمَةُ، وَلَكِنْ لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَضَعَ الْآخَرَ مِنْهُمَا، وَهَذَا شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَاحْتَجَّ الْقَاضِي، وَالْأَزَجِيُّ بِأَنَّ أَوَّلَ النِّفَاسِ مِنَ الْأَوَّلِ وَآخِرَهُ مِنْهُ بِأَنَّ أَحْكَامَ الْوِلَادَةِ تَتَعَلَّقُ بِأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ ; لِأَنَّ انْقِطَاعَ الرَّجْعَةِ، وَانْقِضَاءَ الْعِدَّةِ تَتَعَلَّقُ بِأَحَدِهِمَا، لَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَذَلِكَ مُدَّةُ النِّفَاسِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَلَوْ وَضَعَتْ وَاحِدًا وَشَكَّتْ فِي آخَرَ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ. (وَالْحَمْلُ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ) مَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَهُوَ (مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ) كَالرَّأْسِ وَالْيَدِ، وَالرِّجْلِ فَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ إِجْمَاعًا، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ; لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ حَمَلَ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّصِّ.
الثَّانِي: أَلْقَتْ مُضْغَةً لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهَا شَيْءٌ مِنِ الْخِلْقَةِ فَشَهِدَ ثِقَاتٌ مَنَ الْقَوَابِلِ أَنَّ فِيهِ صُورَةً خَفِيَّةً بَانَ بِهَا أَنَّهَا خِلْقَةُ آدَمِيٍّ، فَكَذَلِكَ (فَإِنْ وَضَعَتْ مُضْغَةً لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرَ ثِقَاتٌ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّهُ مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ فَهَلْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . هَذَا هُوَ الثَّالِثُ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ: أَحَدُهُمَا: تَنْقَضِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ كَمَا لَوْ تَصَوَّرَ. وَالثَّانِيَةُ: لَا، قَدَّمَهَا فِي " الْكَافِي "، وَذَكَرَ أَنَّهُا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute