وَشَهْرَانِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ إِنْ كَانَتْ أَمَةً، وَسَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الرَّجْعِيَّةِ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مِنْ حِينِ مَوْتِهِ وَسَقَطَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ. وَإِنْ طَلَّقَهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَامَّتِهِمْ. وَالْعَشْرُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا هِيَ عَشْرُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: تَجِبُ عَشْرُ لَيَالٍ وَتِسْعَةُ أَيَّامٍ ; لِأَنَّ الْعَشْرَ تُسْتَعْمَلُ فِي اللَّيَالِي دُونَ الْأَيَّامِ، وَإِنَّمَا دَخَلَتِ الْأَيَّامُ اللَّاتِي فِي أَثْنَاءِ اللَّيَالِي تَبَعًا. وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْعَرَبَ تَغْلِبُ حُكْمَ التَّأْنِيثِ فِي الْعَدَدِ خَاصَّةً عَلَى الْمُذَكَّرِ فَتُطْلِقُ لَفْظَ اللَّيَالِي وَتُرِيدُ اللَّيَالِيَ بِأَيَّامِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى لِزَكَرِيَّا {آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: ١٠] يُرِيدُ بِأَيَّامِهَا وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} [آل عمران: ٤١] يُرِيدُ بِلَيَالِيهَا. لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ الْعُشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ لَزِمَهُ اللَّيَالِي، وَالْأَيَّامُ. (وَشَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ إِنْ كَانَتْ أَمَةً) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عِدَّةِ الْحُرَّةِ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: مَا أَرَى عِدَّةَ الْأَمَةِ إِلَّا كَالْحُرَّةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ مَضَتْ سَنَةٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ. وَجَوَابُهُ: مَا سَبَقَ، فَإِنْ كَانَ حَمْلُهَا مِنْ غَيْرِهِ اعْتَدَّتْ لِلزَّوْجِ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ.
فَرْعٌ: مُعْتَقٌ بَعْضُهَا بِالْحِسَابِ مِنْ عِدَّةِ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ وَيجَبْرِ الْكَسْرِ. (وَسَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بَعْدَهُ) لِعُمُومِ الْآيَةِ، لَا يُقَالُ: هَلَّا حُمِلَ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] الْآيَةَ. لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ إِذِ النِّكَاحُ عَقْدُ عُمَرَ، فَإِذَا مَاتَ انْتَهَى، وَالشَّيْءُ إِذَا انْتَهَى تَقَرَّرَتْ أَحْكَامُهُ كَالصِّيَامِ بِدُخُولِ اللَّيْلِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ قَطْعٌ لِلنِّكَاحِ قَبْلَ حُصُولِ مَقْصُودِهِ، أَشْبَهَ فَسْخَ الْإِجَارَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَلِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ إِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ أَمْكَنَ تَكْذِيبُهَا بِنَفْيِهِ، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ.
(وَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الرَّجْعِيَّةِ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مِنْ حِينِ مَوْتِهِ) لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: ٢٣٤] (وَسَقَطَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ) لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةُ الْوَفَاةِ، فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَهَا غَيْرُهَا إِجْمَاعًا. حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَعَنْهُ: تَعْتَدُّ أَطْوَلَ الْأَجَلَيْنِ، وَبَعْدَهُ فِي " الشَّرْحِ " (وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الصِّحَّةِ طَلَاقًا بَائِنًا، ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْ عِدَّتِهَا) وَتَبْنِي عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا، وَلَا تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ لِلْآيَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute