للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ كَانَتْ حُرَّةً وَقُرْءَانِ إِنْ كَانَتْ أَمَةً. وَالْقُراءُ: الْحَيْضُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَلَا تُعْتَدُّ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا حَتَّى تَأْتِيَ بِثَلَاثٍ كَامِلَةٍ بَعْدَهَا. فَإِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا مِنَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(وَالْقُراءُ: الْحَيْضُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) الْقُرُوءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ تَقَعُ عَلَى الْحَيْضِ، وَالطُّهْرِ جَمِيعًا، فَهُوَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ. قَالَ الْخَلِيلُ: يُقَالُ: أَقَرَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا دَنَا حَيْضُهَا، وَأَقْرَأَتْ إِذَا دَنَا طُهْرُهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ: الْقُرُوءُ الْأَوْقَاتُ فَقَدْ يَكُونُ حَيْضًا، وَقَدْ يَكُونُ طُهْرًا. وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ الْحَيْضُ هُوَ الْأَشْهَرُ ; لِأَنَّهُ يُطْلَقُ تَارَةً وَيُرَادُ بِهِ الِانْتِقَالُ، يُقَالُ: قَرَأَ النَّجْمُ، أَيْ: انْتَقَلَ مِنْ مَحَلٍّ إِلَى آخَرَ وَيُرَادُ بِهِ الْجَمْعُ. يُقَالُ: مَا قَرَأَتِ النَّاقَةُ، أَيْ: لَمْ تَجْمَعْ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا، فَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى ; لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ حَقِيقَتَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ، صَحَّحَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَ " الْفُرُوعِ "، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ وَأَبِي مُوسَى وَعُبَادَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: كُنْتُ أَقُولُ إِنَّهُ الْأَطْهَارُ، ثُمَّ وُفِّقْتُ لِقَوْلِ الْأَكَابِرِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَعْهَدْ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ اسْتِعْمَالُهُ بِمَعْنَى الطُّهْرِ فِي مَوْضِعٍ، وَاسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى الْحَيْضِ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ. وَظَاهِرُ النَّصِّ يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّرَبُّصِ بِثَلَاثَةٍ كَامِلَةٍ وَمَنْ جَعَلَ الْقُرُوءَ الْأَطْهَارَ لَمْ يُوجِبْ ثَلَاثَةً، وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ اسْتِبْرَاءٌ، فَكَانَتْ بِالْحَيْضِ كَاسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ. (وَلَا تَعْتَدُّ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا حَتَّى تَأْتِيَ بِثَلَاثٍ كَامِلَةٍ بَعْدَهَا) لَا نَعْلَمُ فِيهَا خِلَافًا. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَلِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فِيهَا لَمْ يَبْقَ مِنْهَا مَا يَتِمُّ مَعَ اثْنَتَيْنِ ثَلَاثَةً كَامِلَةً، فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا، وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ إِنَّمَا حُرِّمَ لِلضَّرَرِ بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، فَلَوِ اعْتَدَّتْ بِالْحَيْضَةِ الْمُطَلَّقِ فِيهَا لَكَانَتِ الْعِدَّةُ حِينَئِذٍ أَقْصَرَ. (فَإِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا مِنَ الثَّالِثَةِ: حَلَّتْ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) ، قَدَّمَهَا فِي " الْكَافِي " وَ " الرِّعَايَةِ " وَاخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ لِلْآيَةِ، وَقَدْ كَمُلَتِ الْقُرُوءُ بِوُجُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>