الثَّانِيَةُ: الْقُرُوءُ الْأَطْهَارُ. وَيُعْتَدُّ بِالطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ قُرْءًا ثُمَّ إِذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ حَلَّتْ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ثَلَاثٌ مُسْتَقْبِلَاتٌ لِعِدَّتِهِنَّ كَمَا تَقُولُ لَقِيتُهُ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنَ الشَّهْرِ، أَيْ: مُسْتَقْبِلَاتٌ لِثَلَاثٍ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «وَقَرَأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ. (وَيُعْتَدُّ بِالطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ قُرْءًا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ إِنَّمَا حَرُمَ فِي الْحَيْضِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، فَلَوْ لَمْ تَعْتَدَّ بِبَقِيَّةِ الطُّهْرِ قُرْءًا كَانَ الطَّلَاقُ فِي الطُّهْرِ أَضَرَّ بِهَا وَأَطْوَلَ عَلَيْهَا. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ سِوَى الطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ. (ثُمَّ إِذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ) أَوِ الْأَمَةُ فِي الثَّانِيَةِ (حَلَّتْ) قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَزَيْدٌ وَعَائِشَةُ رَوَاهُ عَنْهُمُ الْأَثْرَمُ ; لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَحِلَّ بِذَلِكَ لَأَدَّى إِلَى إِيجَابِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ. وَقِيلَ: لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ حَتَّى يَمْضِيَ مِنَ الدَّمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ دَمَ فَسَادٍ، فَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ حَتَّى يَزُولَ الِاحْتِمَالُ، وَلَيْسَ مِنَ الْعِدَّةِ فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي سَلْخِ طُهْرٍ، أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى سَلْخِهِ، فَأَوَّلُ عِدَّتِهَا أَوَّلُ طُهْرٍ يَأْتِي بَعْدَ حَيْضَةٍ.
١ -
فَرْعٌ: كُلُّ فُرْقَةٍ بَيْنَ زَوْجَيْنِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ طَلَاقٍ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عِدَّةُ الْمُلَاعَنَةِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ. وَعَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَإِسْحَاقَ: عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ بِحَيْضَةٍ. وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَحْمَدَ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي بَقِيَّةٍ الْفُسُوخِ وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَجَوَابُهُ: عُمُومُ الْآيَةِ، وَكَفُرْقَةِ غَيْرِ الْخُلْعِ، وَحَدِيثُهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وهُوَ ضَعِيفٌ مُرْسَلٌ، وَقَوْلُ عُثْمَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ قَدْ خَالَفَهُ عُمَرُ وَعَلِيٌّ، وَقَوْلُهُمَا أَوْلَى. وَالصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عِدَّتَهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ رَوَاهُ مَالِكٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute