للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوَايَتَيْنِ. وَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ زِنًا، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ بِمِلْكِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مِنْ تَطَيُّبٍ وَتُزَيُّنٍ، يُقَالُ: أَحَدَّتِ الْمَرْأَةُ إِحْدَادًا فَهِيَ مُحِدَّةٌ وَحَدَّتْ تُحِدُّ بِالضَّمِّ، وَالْكَسْرِ فَهِيَ حَادَّةٌ، سُمِّي الْحَدِيدُ حَدِيدًا لِلِامْتِنَاعِ بِهِ، أَوْ لِامْتِنَاعِهِ عَلَى مَنْ يُحَاوِلُهُ، (عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْوَفَاةِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ، فَلَا يُعْرَجُ عَلَيْهِ، احْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٤] فَإِنَّ ظَاهِرَهُ مَا تَنْفَرِدُ بِهِ الْمَرْأَةُ، وَالنِّكَاحُ لَا يَتِمُّ إِلَّا في الْغَيْرِ، فَحَمَلَ عَلَى مَا يَتِمُّ بِهِ وَحْدَهَا مِنَ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ، وَقَدْ رَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَحِدُّ امْرَأَةٌ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تَحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَائِدَةٌ: الْعَصْبُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبُرُودِ يُصْبَغُ غَزْلُهُ، ثُمَّ يُنْسَجُ (وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِنِ) كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَالْمُخْتَلِعَةِ (عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " الرِّعَايَةِ " إِحْدَاهُمَا: لَا يَجِبْ لِمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلِأَنَّ الْإِحْدَادَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ لِإِظْهَارِ الْأَسَفِ عَلَى فِرَاقِ زَوْجِهَا وَمَوْتِهِ. فَأَمَّا الْبَائِنُ، فَإِنَّهُ فَارَقَهَا بِاخْتِيَارِهِ، وَقَطَعَ نِكَاحَهَا، فَلَا مَعْنَى لِتَكَلُّفِهَا الْحُزْنَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَ الزَّوْجُ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَنْفِيهِ فَاحْتِيطَ عَلَيْهَا بِالْإِحْدَادِ لِئَلَّا يَلْحَقَ بِالْمَيِّتِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ، وَالثَّانِيَةُ: يَجِبُ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ، وَالْحَدِيثُ مَدْلُولُهُ تَحْرِيمُ الْإِحْدَادِ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ الزَّوْجِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، وَلِهَذَا جَازَ الْإِحْدَادُ هَاهُنَا بِالْإِجْمَاعِ، لَكِنْ لَا يُسَنُّ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ فَوْقَ ثَلَاثٍ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ، فَعَلَى هَذَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي تَوَقِّيِ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُخْتَلِعَةِ ; لِأَنَّهَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الَّذِي خَالَعَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا، بِخِلَافِ الْبَائِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>