خُرُوجِهَا مِنْهُ بِأَنْ يُحَوِّلَهَا مَالِكُهُ، أَوْ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا فَتَنْتَقِلُ وَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَإِنْ أَتَاهَا الْخَبَرُ فِي غَيْرِ مَسْكَنِهَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ فَاعْتَدَّتْ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيُّ: لَا تَبْرَحُ مِنْ مَكَانِهَا الَّذِي أَتَاهَا فِيهِ نَعْيُ زَوْجِهَا، وَجَوَابُهُ: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ» ، وَاللَّفْظُ الْآخَرُ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، وَلَا عُمُومَ لَهَا، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَأْتِيهَا الْخَبَرُ، وَهِيَ فِي السُّوقِ، وَالطَّرِيقِ، وَالْبَرِّيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الِاعْتِدَادُ فِيهِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ: وَسُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ مَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ مَرِيضَةٌ أَتَتَحَوَّلُ إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا؛ قَالَ: لَا يَجُوزُ (إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ إِلَى خُرُوجِهَا مِنْهُ بِأَنْ يُحَوِّلَهَا مَالِكُهُ، أَوْ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا) أَوْ لَمْ تَجِدْ مَا تَكْتَرِي بِهِ إِلَّا مِنْ مَالِهَا، أَوْ طَلَبَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " (فَتَنْتَقِلُ) لِأَنَّهَا حَالَةُ عُذْرٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَتِ السُّكْنَى سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمُؤَلِّفُ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ إِلَى أَقْرَبِ مَا يُمْكِنُهَا النُّقْلَةُ إِلَيْهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " كَنَقْلِ الزَّكَاةِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِدُ فِيهِ أَهْلُ السُّهْمَانِ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْوَاجِبَ سَقَطَ كَمَا لَوْ سَقَطَ الْحَجُّ لِلْعَجْزِ عَنْهُ وَيُفَارِقُ أَهْلُ السُّهْمَانِ، فَإِنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْأَقْرَبِ، فَلَوِ اتَّفَقَ الْوَارِثُ، وَالْمَرْأَةُ عَلَى نَقْلِهَا لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّ السُّكْنَى هُنَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ سُكْنَى النِّكَاحِ، لَكِنْ لَهُمْ نَقْلُهَا لِطُولِ لِسَانِهَا وَأَذَاهُمْ بِالسَّبِّ، وَنَحْوِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] الْآيَةَ، وَهِيَ اسْمٌ لِلزِّنَا وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَالِ الْفَاحِشَةِ، وَقِيلَ: يَنْتَقِلُونَ هُمْ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ إِنْ قُلْنَا لَا سُكْنَى لَهَا فَعَلَيْهَا الْأُجْرَةُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَحْوِيلُهَا مِنْهُ، وَظَاهِرُ " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ (وَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا) لِمَا رَوَى مُجَاهِدٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إِحْدَاكُنَّ حَتَّى إِذَا أَرَدْتُنَّ النَّوْمَ فَلْتَأْتِ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى بَيْتِهَا» وَلِأَنَّ اللَّيْلَ مَظَنَّةُ الْفَسَادِ. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لِحَاجَةٍ، وَهُوَ وَجْهٌ، وَقِيلَ: بَلَى، وَظَاهِرُ " الْوَاضِحِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute