الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ..
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ذَلِكَ فَوَجَدْتُهُ فِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ قَالَ مِثْلَ مَا يَقُولُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ» وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ، وَإِسْنَادُهُ فِيهِ لِينٌ، وَيَقُولُ فِي التَّثْوِيبِ: صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ، وَفِي الْإِقَامَةِ عِنْدَ لَفْظِهَا: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا، زَادَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " و" التَّلْخِيصِ " مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَيَقُولُ ذَلِكَ خُفْيَةً.
١ -
فَائِدَةٌ: مَعْنَى لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ: إِظْهَارُ الْفَقْرِ، وَطَلَبُ الْمَعُونَةِ مِنْهُ فِي كُلِّ الْأُمُورِ، وَهُوَ حَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: أَصْلُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ مِنْ حَالَ الشَّيْءُ، إِذَا تَحَرَّكَ، يَقُولُ: لَا حَرَكَةَ وَلَا اسْتِطَاعَةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَعْنَاهُ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ، وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَتِهِ إِلَّا بِمَعُونَتِهِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا أَحْسَنُ مَا جَاءَ فِيهِ، وَيُقَالُ: لَا حَيْلَ لُغَةٌ، حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَعَبَّرَ عَنْهَا الْأَزْهَرِيُّ بِالْحَوْقَلَةِ، وَتَبِعَهُ فِي " الْوَجِيزِ " عَلَى أَخْذِ الْحَاءِ مِنْ حَوْلَ، وَالْقَافِ مِنْ قُوَّةَ، وَاللَّامِ مِنَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَيَقُولَ بَعْدَ فَرَاغِهِ) كُلٌّ مِنَ الْمُؤَذِّنِ وَسَامِعِهِ (اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي، وَعَدْتَهُ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ مُعَرَّفَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَلَمْ يُثْبِتْ فِيهِ الدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ فِي آخِرِهِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ غَيْرُ ذَلِكَ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّهُ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَدْعُو بِمَا وَرَدَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ حَاجَةً، فَقُولُوا: فِي عَافِيَةٍ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو مَرْفُوعًا «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute