لَهَا السُّكْنَى. فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَائِلًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَامِلٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَا مَضَى، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَامِلًا فَبَانَتْ حَائِلًا، فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ؛ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَائِشَةَ، وَالْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَاخْتَارَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ} [الطلاق: ٦] الْآيَةَ فَأَوْجَبَتْ لَهَا السُّكْنَى مُطْلَقًا، ثُمَّ خَصَّ الْحَامِلَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: ٦] الْآيَةَ، وَفِي " الِانْتِصَارِ ": لَا يَسْقُطُ بِتَرَاضِيهِمَا كَعِدَّةٍ، وَعَنْهُ: وَلَهَا النَّفَقَةُ أَيْضًا، قَالَهُ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْعِرَاقَ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ; لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فَوَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى كَالرَّجْعِيَّةِ.
وَرَدُّوا خَبَرَ فَاطِمَةَ بِقَوْلِ عُمَرَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَنْكَرَهُ أَحْمَدُ، قَالَ عُرْوَةُ: لَقَدْ عَابَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ أَشَدَّ الْعَيْبِ، وَقَالَتْ: إِنَّهَا كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَوْلُ أَحْمَدَ وَمَنْ تَابَعَهُ أَصَحُّ وَأَرْجَحُ ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصًّا صَرِيحًا فَأَيُّ شَيْءٍ يُعَارِضُ هَذَا، وَقَوْلُ عُمَرَ وَمَنْ وَافَقَهُ فَقَدْ خَالَفَهُ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وَقَوْلُ عُمَرَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا إِلَّا لِمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: ٦] الْآيَةَ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا، وَقَضَى أَنْ لَا بَيْتَ لَهَا، وَلَا قُوتَ» ، وَلِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا، لَا تُزِيلُهُ الرَّجْعَةُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةٌ كَالْمُلَاعَنَةِ وَتُفَارِقُ الرَّجْعِيَّةَ، فَإِنَّهَا زَوْجَةٌ. (فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَائِلًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَامِلٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَا مَضَى) عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ تَبَيَّنَا اسْتِحْقَاقُهَا لَهُ فَرَجَعَتْ بِهِ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ قُلْنَا: النَّفَقَةُ لَهَا، رَجَعَتْ، وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَامِلًا فَبَانَتْ حَائِلًا فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . أَصَحُّهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَضَاهَا دَيْنًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ بَرَاءَتُهُ مِنْهَا، وَالثَّانِيَةُ: لَا رُجُوعَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِحُكْمِ آثَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute