فَهِيَ كَالْحُرَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ تَأْوِي إِلَيْهِ لَيْلًا وَعِنْدَ السَّيِّدِ نَهَارًا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ مُقَامِهَا عِنْدَهُ. وَإِذَا نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ، أَوْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ تَطَوَّعَتْ بِصَوْمٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَالْحُرَّةِ، فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا، فَالنَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ لِزَوْجَتِهِ إِجْمَاعًا إِذَا بَوَّأَهَا بَيْتًا، وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ ; لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي النِّكَاحِ الْمُفْضِي إِلَى إِيجَابِهَا، وَعَنْهُ: فِي كَسْبِ الْعَبْدِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ إِيجَابُهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا رَقَبَتِهِ، وَلَا ذِمَّةِ السَّيِّدِ، وَلَا إِسْقَاطِهَا فَتَعَلَّقَتْ بِكَسْبِهِ، فَإِنَّ عَدِمَ، أَوْ تَعَذَّرَ، فَعَلَى سَيِّدِهِ، وَقَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": تَجِبُ فِي ذِمَّتِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ; لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ كَالْجِنَايَةِ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ دَيْنٌ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ فَلَزِمَهُ كَاسْتِدَانَةِ وَكِيَلِهِ، وَالنَّفَقَةُ تَجِبُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ كَالرَّتْقَاءِ، وَنَحْوِهَا، وَلَيْسَ هُوَ بِجِنَايَةٍ، وَلَا قَائِمٍ مَقَامَهَا (فَإِنْ كَانَتْ تَأْوِي إِلَيْهِ لَيْلًا وَعِنْدَ السَّيِّدِ نَهَارًا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ مَقَامِهَا عِنْدَهُ) أَيْ: يَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَتُهَا لَيْلًا مِنَ الْعَشَاءِ وَتَوَابِعِهِ مِنْ غِطَاءٍ وَوَطَاءٍ وِدِهْنٍ لِلْمِصْبَاحِ، وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي حَقِّهِ التَّمْكِينُ لَيْلًا فَوَجَبَتْ نَفَقَتُهُ، وَعَلَى السَّيِّدِ نَفَقَتُهَا نَهَارًا بِحُكْمٍ أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَى غَيْرِهِ فِي هَذَا الزَّمَنِ، وَقِيلَ: كُلُّ النَّفَقَةِ إِذَنْ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ قَطْعًا لِلتَّنَازُعِ، وَلَوْ سَلَّمَهَا نَهَارًا فَقَطْ لَمْ يَجُزْ.
تَذْنِيبٌ: الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ عَلَيْهِ مِنَ النَّفَقَةِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ، وَبَاقِيهَا عَلَى سَيِّدِهِ، أَوْ فِي ضَرِيبَتِهِ، أَوْ رَقَبَتِهِ، وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْحُرِّيَّةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُهُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا فَنَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ، وَالْبَاقِي تَجِبُ فِيهِ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ.
١ -
(وَإِذَا نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ) فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ، وَلَوْ بِنِكَاحٍ فِي عِدَّةٍ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ إِلَّا الْحَكَمَ وَلَعَلَّهُ قَاسَهُ عَلَى الْمَهْرِ، وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَجَبَتْ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ، وَالْمَهْرُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ بِدَلِيلِ الْمَوْتِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": مَنْ مَكَّنَتْهُ مِنَ الْوَطْءِ، لَا مِنْ بَقِيَّةِ الِاسْتِمْتَاعِ فَسُقُوطُ النَّفَقَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، فَإِنْ كَانَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ دَفَعَ نَفَقَتَهُ إِلَيْهَا إِذَا كَانَتْ هِيَ الْحَاضِنَةَ وَالْمُرْضِعَةَ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ أُجْرَةِ رَضَاعِهَا وَيَشْطُرُ لِنَاشِزٍ لَيْلًا فَقَطْ، أَوْ نَهَارًا فَقَطْ، لَا بِقَدْرِ الْأَزْمِنَةِ وَيَشْطُرُ لَهَا بَعْضَ يَوْمٍ، فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute