للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُقَامِ. وَتَكُونُ النَّفَقَةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا اخْتَارَتِ الْمُقَامَ، ثُمَّ بَدَا لَهَا الْفَسْخُ فَلَهَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

النِّكَاحِ، وَالْمُقَامِ) عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] وَلَيْسَ الْإِمْسَاكُ مَعَ تَرْكِ الْإِنْفَاقِ إِمْسَاكًا بِمَعْرُوفٍ فَتَعَيَّنَ التَّسْرِيحُ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «امْرَأَتُكَ تَقُولُ أَطْعِمْنِي وَإِلَّا فَارِقْنِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ، وَسَعِيدٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، عَنِ الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ، قَالَ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ، لِسَعِيدٍ: سُنَّةٌ؟ قَالَ سَعِيدٌ: سُنَّةٌ، وَلِأَنَّ هَذَا أَوْلَى بِالْفَسْخِ مِنَ الْعَجْزِ بِالْوَطْءِ، وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي، أَوِ الْفَوْرِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا وَجْهًا: يُؤَجَّلُ ثَلَاثًا وَلَهَا الْمُقَامُ، وَلَا تُمَكِّنُهُ، وَلَا يَحْبِسُهَا، فَلَوْ وَجَدَ نَفَقَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ، أَوْ وَجَدَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مَا يُغَدِّيهَا، وَفِي آخِرِهِ مَا يُعَشِّيهَا، أَوْ كَانَ صَانِعًا يَعْمَلُ فِي الْأُسْبُوعِ مَا يَبِيعُهُ فِي يَوْمٍ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا فِي الْأُسْبُوعِ كُلِّهِ، فَلَا فَسْخَ، وَكَذَا إِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْكَسْبُ فِي بَعْضِ زَمَانِهِ، أَوِ الْبَيْعُ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاقْتِرَاضُ إِلَى زَوَالِ الْمَانِعِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَيَّامًا يَسِيرَةً، أَوْ مَرِضَ مَرَضًا يُرْجَى زَوَالُهُ فِي أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ، فَلَا فَسْخَ وَإِنْ كَثُرَ فَلَهَا الْفَسْخُ (وَتَكُونُ النَّفَقَةُ) أَيْ: نَفَقَةُ فَقِيرٍ وَكِسْوَتُهُ وَمَسْكَنٌ (دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ) مَا لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ، فَإِذَا رَضِيَتْ بِتَأْخِيرِ حَقِّهَا، فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ رَضِيَتْ بِتَأْخِيرِ مَهْرِهَا ويجبر قَادِر عَلَى التَّكَسُّبِ عَلَى الْأَصَحِّ (فَإِذَا اخْتَارَتِ الْمُقَامَ، ثُمَّ بَدَا لَهَا الْفَسْخُ فَلَهَا ذَلِكَ) عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ يَتَجَدَّدُ كُلَّ يَوْمٍ فَيَتَجَدَّدُ لَهَا الْفَسْخُ، وَلَا يَصِحُّ إِسْقَاطُهَا حَقَّهَا فِيمَا لَمْ يَجِبْ لَهَا كَإِسْقَاطِ شُفْعَتِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ، أَوْ شَرَطَ أَلَّا يُنْفِقَ، ثُمَّ عَنَّ لَهَا الْفَسْخُ مَلَّكَتْهُ، فَلَوْ أَسْقَطَتِ النَّفَقَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَمْ تَسْقُطْ، وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>