للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهِيَ أَحَقُّ. (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) وَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنْ رَضَاعِهِ لَمْ تُجْبَرْ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَيْهَا وَيُخْشَى عَلَيْهِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الظِّئْرِ لِمَا زَادَ عَلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلَدِهِ لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ نَفْعَهَا كَاسْتِئْجَارِهَا لِلْخِدْمَةِ شَهْرًا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُرْضِعَةً إِلَّا بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ، فَالْأُمُّ أَحَقُّ (وَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنْ رَضَاعِهِ لَمْ تُجْبَرْ) إِذَا كَانَتْ مُفَارِقَةً، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} [الطلاق: ٦] الْآيَةَ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَدْ تَعَاسَرَا، وَلِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الرَّضَاعِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الْوَلَدِ، أَوِ الزَّوْجِ، أَوْ لَهُمَا، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الزَّوْجِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِجْبَارَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَا عَلَى خِدْمَتِهِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَا لِحَقِّ الْوَلَدِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ لَلَزِمَهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ، وَلِأَنَّهُ مِمَّا يَلْزَمُ الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ كَالنَّفَقَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُمَا لَثَبَتَ الْحُكْمُ بِهِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى حَالِ الْإِنْفَاقِ وَعَدَمِ التَّعَاسُرِ (إِلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إِلَيْهَا وَيُخْشَى عَلَيْهِ) بِأَنْ لَا تُوجَدَ مُرْضِعَةٌ سِوَاهَا، أَوْ لَا يَقْبَلُ الصَّغِيرُ الِارْتِضَاعَ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ مِنْ رَضَاعِهِ ; لِأَنَّهُ حَالُ ضَرُورَةٍ وَحَفِظٌ لِنَفْسِ وَلَدِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ غَيْرُهَا (وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الظِّئْرِ لِمَا زَادَ عَلَى الْحَوْلَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣] فَلَمْ تَلْزَمْهُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْكَمَالِ، أَشْبَهَ الْحَلْوَى وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُفْطَمُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ إِلَّا بِرِضَا أَبَوَيْهِ مَا لَمْ يَنْضَرَّ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " هُنَا يَحْرُمُ رَضَاعُهُ بَعْدَهُمَا، وَلَوْ رَضِيَا، وَظَاهِرُ " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " إِبَاحَتُهُ مُطْلَقًا (وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ فَلِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا) مُطْلَقًا ; لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ الزَّوْجِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فِي كُلِّ الزَّمَانِ سِوَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، فَالرَّضَاعُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، فَكَانَ لَهُ مَنْعُهَا كَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ (إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَيْهَا) فَإِنَّهُ حَالُ ضَرُورَةٍ وَحَفِظٌ لِنَفْسِ وَلَدِهَا، فَقَدَّمَ عَلَى الزَّوْجِ كَتَقْدِيمِ الْمُضْطَرِّ عَلَى الْمَالِكِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ مِثْلُ ضَرُورَتِهِ.

فَرْعٌ: إِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرَّضَاعِ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ صَحَّ النِّكَاحُ، وَلَمْ يَمْلِكِ الزَّوْجُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ، وَلَا مَنْعَهَا مِنَ الرَّضَاعِ حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ ; لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُلِكَتْ بِعَقْدٍ سَابِقٍ، أَشْبَهَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>