للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَمُوتُ بِهِ كَاللُّتِّ وَالْكُوذَيْنِ وَالسَّنَدَانِ، أَوْ حَجَرٍ كَبِيرٍ، أَوْ يُلْقِي عَلَيْهِ حَائِطًا، أَوْ سَقْفًا، أَوْ يُلْقِيهِ مِنْ شَاهِقٍ، أَوْ يُعِيدُ الضَّرْبَ بِصَغِيرٍ، أَوْ يَضْرِبُهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إِذَا قَتَلَهُ بِمُثْقَلٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ الزُّهُوقِ بِهِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ، فَهُوَ عَمْدٌ مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ، وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْأَكْثَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] ، وَلِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوَضَاحٍ لَهَا بِحَجَرٍ فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ حَجَرَيْنِ» ، وَلِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: «وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَلِأَنَّ الْمُثْقَلَ يَقْتُلُ غَالِبًا فَوَجَبَ الْقِصَاصُ بِهِ كَالْمُحَدَّدِ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ إِذَا ضَرَبَهُ بِمِثْلِ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَوَدُ. نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي ضَرَبَتْ جَارَتَهَا بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا فَقَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ، وَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحَمِلُ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ عَنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ، وَلَعَلَّهُ ضَرَبَهُ بِالْعَمُودِ الَّذِي يَتَّخِذُهُ التُّرْكُ لِخَيْمَهِمْ، فَإِنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا (أَوْ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَمُوتُ بِهِ كَاللُّتِّ) وَهُوَ بِضَمِّ اللَّامِ نَوْعٌ مِنْ آلَةِ السِّلَاحِ مَعْرُوفٌ فِي زَمَانِنَا، وَهُوَ لَفْظٌ مُوَلَّدٌ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ (وَالْكَوْذَيْنِ) وَهُوَ لَفْظٌ مُوَلَّدٌ أَيْضًا، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْخَشَبَةِ الثَّقِيلَةِ الَّتِي يَدُقُّ بِهَا الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ (وَالسِنْدَانِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُوَلَّدٌ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْآلَةِ الْمَعْرُوفَةِ مِنَ الْحَدِيدِ الثَّقِيلَةِ يَعْمَلُ عَلَيْهَا الْحَدَّادُ صِنَاعَتَهُ (أَوْ حَجَرٌ كَبِيرٌ) لِاشْتِرَاكِ الْكُلِّ فِي كَوْنِهِ يَقْتُلُ غَالِبًا، وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ هُنَا لِكَوْنِهِ مُثْقَلًا، فَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ (أَوْ يُلْقِي عَلَيْهِ حَائِطًا، أَوْ سَقْفًا، أَوْ يُلْقِيهِ مِنْ شَاهِقٍ) لِاشْتِرَاكِ الْكُلِّ فِي الْقَتْلِ (أَوْ يُعِيدُ الضَّرْبَ بِصَغِيرٍ) كَالْعِصِيِّ، وَالْحَجَرِ الصَّغِيرِ ; لِأَنَّ الْإِعَادَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْمُثْقَلِ الْكَبِيرِ كَذَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ (أَوْ يَضْرِبُهُ بِهِ) مَرَّةً (فِي مَقْتَلٍ) لِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِهِ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ فِي " الْوَاضِحِ "، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>