وَيَقُولَا: عَمَدْنَا قَتَلَهُ، أَوْ يَقُولُ الْحَاكِمُ: عَلِمْتُ كَذِبَهُمَا وَعَمَدْتُ قَتْلَهُ، أَوْ يَقُولُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جَهْلُهُمَا بِهِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " و " الرِّعَايَةِ ": وَكَذَّبَتْهُمَا قَرِينَةٌ، فَعَلَيْهِمَا الْقَوَدُ لِمَا رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَهُ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُ أَيْدِيَكُمَا، وَلِأَنَّهُمَا تَوَصَّلَا إِلَى قَتْلِهِ بِسَبَبٍ يَقْتُلُ غَالِبًا، أَشْبَهَ الْمُكْرَهَ (أَوْ يَقُولُ الْحَاكِمُ: عَلِمْتُ كَذِبَهُمَا وَعَمَدْتُ قَتْلَهُ، أَوْ يَقُولُ الْوَلِيُّ ذَلِكَ) لَزِمَ الْقَوَدُ ; لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الشُّهُودِ، فَكَانَ الْحَاصِلُ بِسَبَبِهِمَا عَمْدًا كَالْقَتْلِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ الشَّاهِدَيْنِ، فَلَوْ أَقَرَّ الشَّاهِدَانِ وَالْحَاكِمُ وَالْوَلِيُّ جَمِيعًا بِذَلِكَ، فَعَلَى الْوَلِيِّ الْقِصَاصُ ; لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْقَتْلَ عَمْدًا وَعُدْوَانًا، وَقَالَ فِي " الشَّرْحِ ": يَنْبَغِي أَلَّا يَجِبَ عَلَى غَيْرِهِ شَيْءٌ ; لِأَنَّهُمْ مُتَسَبِّبُونَ، وَالْمُبَاشَرَةُ تُبْطِلُ حُكْمَ التَّسَبُّبِ كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَجْهٌ: هُمَا كَمُمْسِكٍ مَعَ مُبَاشِرٍ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْوَلِيُّ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الشُّهُودِ وَالْحَاكِمِ ; لِأَنَّهُمْ مُتَسَبِّبُونَ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمُبَاشِرِ الْعَالِمِ ثُمَّ وَلِيًّا ثُمَّ الْبَيِّنَةُ وَالْحَاكِمُ، وَقِيلَ: ثُمَّ حَاكِمًا ; لِأَنَّ سَبَبَهُ أَخَصُّ مِنَ الْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ حُكْمَهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ شَهَادَتِهِمْ وَقَتْلِهِ، فَلَوْ بَاشَرَ الْقَتْلَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ وَأَقَرَّ بِالْعِلْمِ وَتَعَمَّدَ الْقَتْلَ ظُلْمًا، فَهُوَ الْقَاتِلُ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ يَتَعَلَّقُ بِالْوَلِيِّ، وَقِيلَ: فِي قَتْلِ حَاكِمٍ وَجْهَانِ كَمُزَكٍّ، فَإِنَّ الْمُزَكِّيَ لَا يُقْتَلُ عِنْدَ الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلْجِئٍ وَيُقْتَلُ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا صَارَ الْأَمْرُ إِلَى الدِّيَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ وَالْحَاكِمِ، فَقِيلَ: عَلَى عَدَدِهِمْ، وَقِيلَ: نِصْفَيْنِ، وَلَوْ رَجَعَ الْوَلِيُّ وَالْبَيِّنَةُ ضَمِنَهُ الْوَلِيُّ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ عَمَدْتُ قَتْلَهُ وَبَعْضُهُمْ أَخْطَأْتُ، فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ، وَالْمُخْطِئِ مِنَ الْمُخَفَّفَةِ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ تَعَمَّدْتُ وَأَخْطَأَ شَرِيكِي فَوَجْهَانِ فِي الْقَوَدِ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَدْنَا وَالْآخَرُ أَخْطَأْنَا لَزِمَ الْمُقِرَّ بِالْعَمْدِ الْقَوَدُ، وَالْآخَرَ نِصْفُ الدِّيَةِ (فَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ: الْأَقْسَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute