أَحَدُهُمَا جُرْحًا وَالْآخَرُ مِائَةً فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ، وَإِنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْكُوعِ، ثُمَّ قَطَعَهُ الْآخَرُ مِنَ الْمِرْفَقِ فَهُمَا قَاتِلَانِ. وَإِنْ فَعَلَ أَحَدُهُمَا فِعْلًا لَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْفَضْلُ: إِنْ قَتَلَهُ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ قَتْلُ أَحَدِهِمْ، وَالْعَفْوُ عَنْ آخَرَ وَأَخْذُ الدِّيَةِ كَامِلَةً مِنْ أَحَدِهِمْ (وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩] ; لِأَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى قَتَلَ قُتِلَ بِهِ انْكَفَّ عَنْهُ، فَلَوْ لَمْ يُشْرَعِ الْقِصَاصُ فِي الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ لَبَطَلَتِ الْحِكْمَةُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْقِصَاصِ، وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، فَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ سَبْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ قَتَلُوا رَجُلًا، وَعَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ مُخَالِفًا، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ تَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ، فَوَجَبَتْ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ وَالدِّيَةِ أَنَّ الدَّمَ لَا يَتَبَعَّضُ، بِخِلَافِ الدِّيَةِ، وَهَذَا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ، فَمَتَى عَفَا عَنِ الْقَوَدِ تَعَيَّنَتِ الدِّيَةُ، وَإِنْ قُلْنَا: مُوجِبُهُ الْقَوَدُ فَقَطْ فَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَعْفُوا عَنِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ
١ -
(وَإِنْ جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا جُرْحًا وَالْآخَرُ مِائَةَ) جُرْحٍ، أَوْ أَوْضَحَهُ أَحَدُهُمَا، أَوْ شَجَّهُ الْآخَرُ آمَّةً، أَوْ أَحَدُهُمَا جَائِفَةً، وَالْآخَرُ غَيْرَ جَائِفَةٍ (فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ) لِأَنَّ اعْتِبَارَ التَّسَاوِي يُفْضِي إِلَى سُقُوطِ الْقِصَاصِ عَنِ الْمُشْتَرِكِينَ إِذْ لَا يَكَادُ جُرْحَانِ يَتَسَاوَيَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَوِ احْتَمَلَ التَّسَاوِيَ لَمْ يَثْبُتِ الْحُكْمُ ; لِأَنَّ الشَّرْطَ يُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ، وَلَا يُكْتَفَى بِاحْتِمَالِ الْوُجُودِ، بَلِ الْجَهْلُ بِوُجُودِهِ كَالْعِلْمِ بِعَدَمِهِ فِي انْتِفَاءِ الْحُكْمِ، وَلِأَنَّ الْجُرْحَ الْوَاحِدَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَمُوتَ بِهِ دُونَ الْمِائَةِ.
فَرْعٌ: إِذَا اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فَقَطَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ، وَالْآخَرُ رِجْلَهُ، وَالثَّالِثُ أَوْضَحَهُ فَمَاتَ فَلِلْوَلِيِّ قَتْلُ جَمِيعِهِمْ، وَالْعَفْوُ عَنْهُمْ إِلَى الدِّيَةِ وَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَهَا، وَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ وَاحِدٍ فَيَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ الدِّيَةِ، وَيَقْتُلَ الْآخَرَيْنِ، وَأَنْ يَعْفُوَ عَنِ اثْنَيْنِ فَيَأْخُذُ مِنْهُمَا ثُلُثَيِ الدِّيَةِ، وَيَقْتُلَ الثَّالِثَ.
(وَإِنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْكُوعِ، ثُمَّ قَطَعَهُ الْآخَرُ مِنَ الْمِرْفَقِ فَهُمَا قَاتِلَانِ) أَيْ: فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقِصَاصِ، أَوِ الدِّيَةِ إِذَا قَطَعَ الثَّانِي قَبْلَ بُرُوءِ جِرَاحَةِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَذْهَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute