وَسُقُوطُهُ عَنْ شَرِيكِ الْخَاطِئِ. وَفِي شَرِيكِ السَّبْعِ وَشَرِيكِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ، وَلَوْ جَرَحَهُ إِنْسَانٌ عَمْدًا فَدَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ، أَوْ خَاطَهُ فِي اللَّحْمِ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلِيُّهُ، أَوِ الْإِمَامُ فَفِي وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَارِحِ وَجْهَانِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَشَرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ، وَفِعْلُ الْأَبِ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ لِكَوْنِهِ تَمَحَّضَ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَالْجِنَايَةُ بِهِ أَعْظَمُ إِثْمًا. وَلِذَلِكَ خَصَّهُ اللَّهُ بِالنَّهْيِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ الْأَبِ لِمَعْنًى مُخْتَصٍّ بِالْمَحَلِّ، لَا لِقُصُورٍ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ شَرِيكَيْنِ امْتَنَعَ الْقَوَدُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا ; لِمَعْنًى فِيهِ مِنْ غَيْرِ قُصُورٍ فِي السَّبَبِ كَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِي قَتْلِ ذِمِّيٍّ (وَسُقُوطُهُ عَنْ شَرِيكِ الْخَاطِئِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ عَمْدًا، فَلَمْ يَجِبْ بِهِ قَوَدٌ كَشِبْهِ الْعَمْدِ وَكَمَا لَوْ قَتَلَهُ وَاحِدٌ بِجُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ اشْتَرَكَ مُكَلَّفٌ وَغَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَالْأَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْبَالِغِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ; لِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ كَشَرِيكٍ خَاطِئٍ (وَفِي شَرِيكِ السَّبْعِ وَشَرِيكِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ) وَصُورَتُهُ أَنْ يَجْرَحَهُ أَسَدٌ، أَوْ نَمِرٌ، أَوْ يَجْرَحَهُ إِنْسَانٌ، ثُمَّ يَجْرَحُ نَفْسَهُ مُتَعَمِّدًا وَهُمَا فِي شَرِيكِ الْوَلِيِّ الْمُقْتَصِّ، وَشَرِيكِ الْقَاطِعِ حَدًّا، وَشَرِيكِ دَفْعِ الصَّائِلِ، أَحَدُهُمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَشَرِيكِ الْخَاطِئِ، بَلْ أَوْلَى، وَالثَّانِي: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ; لِأَنَّهُ قَتْلُ عَمْدٍ مُتَمَحِّضٌ، فَوَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الشَّرِيكِ كَشَرِيكِ الْأَبِ، فَأَمَّا إِنْ جَرَحَ نَفْسَهُ خَطَأً، فَلَا قِصَاصَ عَلَى شَرِيكِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا قُلْنَا: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، أَوْ عَدَلَ إِلَى طَلَبِ الْمَالِ مِنْهُ - لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ كَمَالُهَا فِي شَرِيكِ السَّبْعِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ كَمَالُهَا فِي شَرِيكِهِ الْمُقْتَصِّ، وِدِيَةُ شَرِيكٍ مُخْطِئٍ فِي مَالِهِ، لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَهُ الْقَاضِي. (وَلَوْ جَرَحَهُ إِنْسَانٌ عَمْدًا فَدَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ، أَوْ خَاطَهُ فِي اللَّحْمِ) الْحَيِّ (أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلِيُّهُ، أَوِ الْإِمَامُ) فَمَاتَ (فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَارِحِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَشْهَرُ ; لِأَنَّ الْمُدَاوِيَ قَصَدَ مُدَاوَاةَ النَّفْسِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute