للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَمَى مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِ السَّهْمِ بِهِ، فَلَا قِصَاصَ، وَفِي الدِّيَةِ وَجْهَانِ، وَإِنْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ، وَمَاتَ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفِي الْآخَرِ: يَجِبُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْجَانِي شَيْءٌ لِفَوَاتِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُشْتَرِطَةِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ وَجَعَلَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " كَمَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ (وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِ السَّهْمِ بِهِ، فَلَا قِصَاصَ) لِأَنَّهُ رَمَى مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ، أَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ (وَفِي الدِّيَةِ وَجْهَانِ:) أَحَدُهُمَا: لَا تَجِبُ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ كَرِدَّةِ مُسْلِمٍ وَكَالْحَرْبِيِّ، وَالثَّانِي: تَجِبُ ; لِأَنَّ الرَّمْيَ هَنَا مُحَرَّمٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الِافْتِئَاتِ عَلَى الْإِمَامِ وَكَتَلَفِهِ بِبِئْرٍ حُفِرَتْ، وَقِيلَ: كَمُرْتَدٍّ لِتَفْرِيطِهِ إِذْ قَتْلُهُ لَيْسَ إِلَيْهِ، وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ، قَالَهُ الْحُلْوَانِيُّ.

١ -

فَائِدَةٌ: قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا، أَوْ حَرْبِيًّا فَأَصَابَهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ فَمَاتَ فَهَدَرٌ كَمَا لَوْ بَانَ أَنَّ الْحَرْبِيَّ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَكَتَمَ إِسْلَامَهُ، وَقِيلَ: تَجِبُ الدِّيَةُ، وَقِيلَ: لِلْمُرْتَدِّ فَقَطْ، وَهِيَ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَقِيلَ: يُقْتَلُ بِهِ

١ -

(وَإِنْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ، وَمَاتَ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ ; لِأَنَّهَا نَفْسُ مُرْتَدٍّ غَيْرِ مَعْصُومٍ وَلَا مَضْمُونٍ بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَ ذِمِّيٍّ فَصَارَ حَرْبِيًّا، ثُمَّ مَاتَ مِنْ جِرَاحِهِ، وَأَمَّا الْيَدُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهَا أَصْلُهُمَا هَلْ يَفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ أَمْ فِي النَّفْسِ فَقَطْ، وَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ أَمْ قَرِيبُهُ؛ فِيهِ وَجْهَانِ: أَصْلُهُمَا هَلْ مَالُهُ فَيْءٌ أَمْ لِوَرَثَتِهِ؛ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ كَمَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَتَلَهُ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ قَطْعٌ صَارَ قَتْلًا لَمْ يَجِبْ بِهِ الْقَتْلُ، فَلَمْ يَجِبْ بِهِ الْقَطْعُ كَمَا لَوْ قَطَعَ مِنْ غَيْرِ مَفْصِلٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ دِيَةُ الطَّرَفِ فِي وَجْهٍ ; لِأَنَّهُ قَتْلٌ لِغَيْرِ مَعْصُومٍ وَتَجِبُ فِي آخَرَ ; لِأَنَّ سُقُوطَ حُكْمِ سَرَايَةِ الْجُرْحِ لَا يُسْقِطُ ضَمَانَهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَ رَجُلٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ آخَرُ، فَعَلَى هَذَا يَجِبُ ضَمَانُهُ، فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ ارْتَدَّ، وَمَاتَ فَفِيهِ دِيَتَانِ ; لِأَنَّ الرِّدَّةَ قَطَعَتْ حُكْمَ السَّرَايَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>