للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَجْنُونُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَبٌ، فَهَلْ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ إِلَى النَّفَقَةِ، فَهَلْ لِوَلِيِّهِمَا الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ أَبِيهِمَا، أَوْ قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا احْتَمَلَ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُمَا، وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ لَهُمَا دِيَةُ أَبِيهِمَا فِي مَالِ الْجَانِي وَتَجِبُ دِيَةُ الْجَانِي عَلَى عَاقِلَتِهِمَا، وَإِنِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْقِصَاصِ كَالْحَدِّ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَبٌ، فَهَلْ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ مَقْصُودَ شَرْعِيَّةِ الْقِصَاصِ مَفْقُودٌ فِي الْأَبِ وَكَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى ; لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً كَامِلَةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ (فَإِنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ إِلَى النَّفَقَةِ، فَهَلْ لِوَلِيِّهِمَا الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ) وَحَكَاهُمَا فِي " الْفُرُوعِ " رِوَايَتَانِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَالْمُؤَلِّفُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِسْقَاطَ قِصَاصِهِ، وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَمَا لَوْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِأَنَّ وُجُوبَ نَفَقَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يُغْنِيهِ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ، وَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ مَجَّانًا وَلِوَلِيِّ الْفَقِيرِ الْمَجْنُونِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَالَةٌ مُعْتَادَةٌ يُنْتَظَرُ فِيهَا إِفَاقَتُهُ وَرُجُوعُ عَقْلِهِ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَعَنْهُ: لِأَبٍ، وَعَنْهُ: وَوَصِيٌّ وَحَاكِمٌ اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا فِي نَفْسٍ، أَوْ دُونِهَا فَيَعْفُو إِلَى الدِّيَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ (وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ أَبِيهِمَا، أَوْ قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا احْتُمِلَ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُمَا) هَذَا وَجْهٌ قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ أَتْلَفَ غَيْرَ حَقِّهِ فَسَقَطَ الْحَقُّ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَتْ لَهُمَا وَدِيعَةٌ عِنْدَ شَخْصٍ فَأَخَذَاهَا مِنْهُ قَهْرًا وَكَمَا لَوِ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَتَهُ (وَاحْتُمِلَ أَنْ تَجِبَ لَهُمَا دِيَةُ أَبِيهِمَا فِي مَالِ الْجَانِي وَتَجِبُ دِيَةُ الْجَانِي عَلَى عَاقِلَتِهِمَا) جَزَمَ بِهِ فِي " التَّرْغِيبِ " وَ " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِيفَاءِ، فَلَا يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ فَتَجِبُ لَهُمَا دِيَةُ أَبِيهِمَا فِي مَالِ الْجَانِي ; لِأَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا دِيَةُ الْقَاتِلِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ أَجْنَبِيًّا، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ، فَإِنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ بَرِئَ مِنْهَا الْمُودِعُ، وَلَوْ هَلَكَ الْجَانِي مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>