للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ، أَوْ بَعْضُهُمْ غَائِبًا، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا فَلَيْسَ لِلْبَالِغِ الْعَاقِلِ الِاسْتِيفَاءُ حَتَّى يَصِيرَا مُكَلَّفَيْنِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ، وَكُلُّ مَنْ وَرِثَ الْمَالَ وَرِثَ الْقِصَاصَ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنَ الْمَالِ حَتَّى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا الدِّيَةُ وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ غَرِيمَهُ (وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ، أَوْ بَعْضُهُمْ غَائِبًا) لِاسْتِوَائِهِمَا مَعْنًى، فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا، فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ هُوَ الْعَافِي فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَلَوِ ادَّعَى نِسْيَانَهُ، أَوْ جَوَازَهُ (فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا) أَوْ غَائِبًا (فَلَيْسَ لِلْبَالِغِ الْعَاقِلِ الِاسْتِيفَاءُ حَتَّى يَصِيرَا مُكَلَّفَيْنِ) وَيَقْدُمُ الْغَائِبُ (فِي الْمَشْهُورِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ، نَصَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " ; لِأَنَّهُ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَا بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ وَكَدِيَةٍ، وَكَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ، بِخِلَافِ مُحَارَبَةٍ لِتَحَتُّمِهِ وَحَدِّ قَذْفٍ لِوُجُوبِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا (وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ) وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ،، وَاللَّيْثُ ; لِأَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قَتَلَ ابْنَ مُلْجِمٍ قِصَاصًا، وَفِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ، فَإِنْ مَاتَا، أَوْ أَحَدُهُمَا فَوَارِثُهُمَا كَهُمَا، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى تَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ ; لِأَنَّهُ قصاص غير مُتَحَتِّمٌ، فَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا اسْتِيفَاؤُهُ اسْتِقْلَالًا كَمَا لَوْ كَانَ لِحَاضِرٍ وَغَائِبٍ، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَإِنَّمَا قَتَلَ الْحَسَنُ، ابْنَ مُلْجِمٍ حَدًّا لِكُفْرِهِ ; لِأَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ إِبَاحَةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ كَافِرٌ، وَقِيلَ: لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْتَظِرِ الْحَسَنُ غَائِبًا مِنَ الْوَرَثَةِ، فَيَكُونُ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلُهُ مُتَحَتِّمٌ، وَهُوَ إِلَى الْإِمَامِ، وَالْحَسَنُ هُوَ الْإِمَامُ، وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْإِمَامِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ، لَا بِحُكْمِ الْأَدَبِ (وَكُلُّ مَنْ وَرِثَ الْمَالَ وَرِثَ الْقِصَاصَ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنَ الْمَالِ حَتَّى الزَّوْجَيْنِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ يَسْتَحِقُّهُ الْوَارِثُ مِنْ جِهَةِ مُوَرِّثِهِ، أَشْبَهَ الْمَالَ، وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ الْعَصَبَةَ، وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ ابْتِدَاءً أَمْ يَنْتَقِلُ عَنْ مُوَرِّثِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ.

فَائِدَةٌ: الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ " الزَّوْجَانِ " مَرْفُوعًا بِالْأَلِفِ عَطْفًا عَلَى " كُلِّ مَنْ وَرِثَ " وَوُجِدَ بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ مَجْرُورًا، وَتَكُونُ " حَتَّى " حَرْفَ جَرٍّ بِمَعْنَى انْتِهَاءِ الْغَايَةِ، أَيْ: وَكُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>