إِلَّا بِمِثْلِ الْمُوجَبِ فِي النَّفْسِ، وَهُوَ الْعَمْدُ الْمَحْضُ. وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: فِي الْأَطْرَافِ فَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ، وَالْأَنْفُ بِالْأَنْفِ، وَالْأُذُنُ بِالْأُذُنِ، وَالسِّنُّ بِالسِّنِّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ قُطِعَتْ يَدُهُ ; لِأَنَّهُ يُقَادُ بِهِ فِي النَّفْسِ (وَمَنْ لَا فَلَا) أَيْ: مَنْ لَا يُقَادُ بِغَيْرِهِ فِي النَّفْسِ، فَلَا يُقَادُ بِهِ فِيمَا دُونَهَا، فَلَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ كَافِرٍ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُقَادُ بِهِ فِي النَّفْسِ، وَعَنْهُ: لَا قَوَدَ بَيْنَ الْعَبِيدِ فِي الْأَطْرَافِ ; لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ، وَعَنْهُ: فِي النَّفْسِ، وَالطَّرَفِ حَتَّى تَسْتَوِيَ الْقِيمَةُ، ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ; لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ كَالنَّفْسِ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ، فَكَانَ كَالنَّفْسِ فِيمَا نَذْكُرُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ (وَلَا يَجِبُ إِلَّا بِمِثْلِ الْمُوجَبِ فِي النَّفْسِ، وَهُوَ الْعَمْدُ الْمَحْضُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وَحَدِيثِ أَنَسٍ فِي قَضِيَّةِ الرُّبَيِّعِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى جَرَيَانِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إِذَا أَمْكَنَ ; لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ كَالنَّفْسِ فِي الْحَاجَةِ إِلَى حِفْظِهِ بِالْقِصَاصِ، فَكَانَ كَالنَّفْسِ فِي وُجُوبِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْخَطَأِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إِجْمَاعًا، لَا فِي شِبْهِ الْعَمْدِ، وَقَالَهُ السَّامِرِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَعَنْهُ: يَجِبُ فِيهِ. اخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَبُو بَكْرٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ الْعُضْوَ يَتْلَفُ بِأَيْسَرَ مِمَّا تُتْلَفُ بِهِ النَّفْسُ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّ الْآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بِالْخَطَأِ، فَكَذَا هَذَا (وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: فِي الْأَطْرَافِ) لِمَا ذَكَرْنَا (فَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ، وَالْأَنْفُ بِالْأَنْفِ، وَالْأُذُنُ بِالْأُذُنِ، وَالسِّنُّ بِالسِّنِّ) لِلنَّصِّ، وَالْخَبَرِ (وَالْجَفْنُ بِالْجَفْنِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ وَيُؤْخَذَ جَفْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَصِيرِ، وَالضَّرِيرِ بِالْآخَرِ.
فَائِدَةٌ: الْجَفْنُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ كَسْرَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute