للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعْتَرِضُ فِي الْمَشْرِقِ وَلَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ، وَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ مَا لَمْ يَشُقَّ.

ثُمَّ الْفَجْرُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْعَصْرِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ، وَرَوَى سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يسْتَحِبُّ تَأْخِيرهَا مُطْلَقًا، قَالَ النَّوَوِيُّ: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ إنَّ تَأْخِيرَهَا إِلَى بَعْدِ نِصْفِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْدِيمِ (وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ فِي الْمَشْرِقِ، وَلَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ) هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى الْفَجْرِ الثَّانِي، وَيُسَمَّى الْمُسْتَطِيرَ، لِانْتِشَارِهِ فِي الْأُفُقِ قَالَ تَعَالَى: {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: ٧] أَيْ: مُنْتَشِرًا فَاشِيًا ظَاهِرًا، وَالْفَجْرُ الْأَوَّلُ: الْكَاذِبُ الْمُسْتَطِيلُ بِلَا اعْتِرَاضٍ أَزْرَقُ لَهُ شُعَاعٌ، ثُمَّ يُظْلِمُ، وَلِدِقَّتِهِ يُسَمَّى ذَنَبَ السِّرْحَانِ، وَهُوَ الذِّئْبُ، لِأَنَّ الضَّوْءَ يَكُونُ فِي الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ، كَمَا أَنَّ الشَّعْرَ يَكُونُ عَلَى أَعْلَى الذِّئْبِ دُونَ أَسْفَلِهِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَسْنَوَيْهِ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: الْفَجْرُ يَطْلُعُ بِلَيْلٍ، وَلَكِنَّهُ يَسْتُرُهُ أَشْجَارُ جِنَانِ عَدْنٍ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي زَوَالِ الشَّمْسِ، لَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِهِ لَنَا، وَلَا يَكْفِي وُجُودُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (وَتَأْخِيرُهَا) إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ بِحَيْثُ يَفْعَلُهَا فِيهِ (أَفْضَلُ مَا لَمْ يَشُقَّ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، لِمَا رَوَى أَبُو بَرْزَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَحِبُّ أَنْ تُؤَخَّرَ الْعِشَاءُ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تُؤَخَّرِ الْمَغْرِبُ لِغَيْمٍ، أَوْ جَمْعٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا شَقَّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَالْأَصَحُّ: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَأْمُرُ بِالتَّخْفِيفِ رِفْقًا بِهِمْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُؤَخَّرُ، وَلَوْ مَعَ غَيْمٍ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا مَعَهُ، وَهَلْ ذَلِكَ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَوْ لِمَنْ يَخْرُجُ إِلَى الْجَمَاعَةِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، نَعَمْ، وَيَلْتَحِقُ بِمَا ذَكَرَهُ عَادِمُ الْمَاءِ الْعَالِمُ أَوِ الرَّاجِي وُجُودَهُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ، وَكَذَا تَأْخِيرُهَا لِمُصَلِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>