ذَلِكَ إِنْ عُلِمَ بِقَدْرِهِ مِثْلُ نَقْصِ الْعَقْلِ بِأَنْ يُجَنَّ يَوْمًا وَيُفِيقَ يَوْمًا، أَوْ ذَهَابِ بَصَرِ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ، أَوْ سَمْعِ إِحْدَى الْأُذُنَيْنِ، وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ بِالْحِسَابِ يُقْسَمُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْسَمَ عَلَى الْحُرُوفِ الَّتِي لِلِّسَانِ فِيهَا عَمَلٌ دُونَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: إِذَا جَنَى عَلَيْهِ، فَذَهَبَ عَقْلُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَلِسَانُهُ وَجَبَ أَرْبَعُ دِيَاتٍ لِقَضَاءِ عُمَرَ، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَاتٍ، فَأَذْهَبَهَا، وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ أَرْشُ الْجِرَاحِ، فَإِنَّ مَاتَ مِنَ الْجِنَايَةِ لَمْ تَجِبْ إِلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ ; لِأَنَّ دِيَاتِ الْمَنَافِعِ تَدْخُلُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ كَدِيَاتِ الْأَعْضَاءِ (وَفِي نَقْصِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِنْ عُلِمَ بِقَدْرِهِ) لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي جَمِيعِ الشَّيْءِ وَجَبَ فِي بَعْضِهِ بِقَدْرِهِ كَإِتْلَافِ الْمَالِ (مِثْلُ نَقْصِ الْعَقْلِ بِأَنْ يُجَنَّ يَوْمًا وَيُفِيقَ يَوْمًا، أَوْ ذَهَابِ بَصَرِ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ، أَوْ سَمْعِ إِحْدَى الْأُذُنَيْنِ) لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ أَنَّ مَا وَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ وَجَبَ بَعْضُهَا فِي بَعْضِهِ كَالْأَصَابِعِ، وَالْيَدَيْنِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرِهِ: وَمَنْفَعَةُ الصَّوْتِ وَمَنْفَعَةُ الْبَطْشِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ الدِّيَةُ، وَفِي " الْفُنُونِ " لَوْ سَقَاهُ ذَرْقَ حَمَامٍ فَذَهَبَ صَوْتُهُ لَزِمَهُ حُكُومَةٌ (وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ بِالْحِسَابِ يُقْسَمُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا) سِوَى " لَا " فَإِنَّ مَخْرَجَهَا مَخْرَجُ اللَّامِ وَالْأَلِفِ، فَمَهْمَا نَقَصَ مِنَ الْحُرُوفِ نَقَصَ مِنَ الدِّيَةِ بِقَدْرِهِ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتِمُّ بِجَمِيعِهَا، فَالذَّاهِبُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عِوَضُهُ مِنَ الدِّيَةِ كَقَدْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ، فَفِي الْحَرْفِ الْوَاحِدِ رُبُعُ سُبُعِ الدِّيَةِ، وَفِي الْحَرْفَيْنِ نِصْفُ سُبُعِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا خَفَّ عَلَى اللِّسَانِ أَوْ ثَقُلَ ; لِأَنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ فِيهِ الْمُقَدَّرُ لَمْ يَخْتَلِفْ لِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ كَالْأَصَابِعِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْسَمَ عَلَى الْحُرُوفِ الَّتِي لِلِّسَانِ فِيهَا عَمَلٌ دُونَ الشَّفَوِيَّةِ كَالْبَاءِ، وَالْفَاءِ، وَالْمِيمِ) وَالْوَاوِ دُونَ حُرُوفِ الْحَلْقِ السِّتَّةِ، وَهِيَ: الْهَمْزَةُ، وَالْهَاءُ، وَالْحَاءُ، وَالْخَاءُ، وَالْعَيْنُ، وَالْغَيْنُ. فَهَذِهِ عَشَرَةٌ، بَقِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَاللِّسَانُ تُقْسَمُ دِيَتُهُ عَلَيْهَا ; لِأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ بِقَطْعِ اللِّسَانِ وَذَهَابِ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَحْدَهَا مَعَ بَقَائِهِ، فَإِذَا وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِيهَا بِمُفْرَدِهَا وَجَبَتْ فِي بَعْضِهَا بِقِسْطِهِ مِنْهَا، وَفِي " الْكَافِي ": إِنَّ اللِّسَانَ لَا عَمَلَ لَهُ فِيهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ; لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ يَنْطِقُ بِهَا اللِّسَانُ أَيْضًا بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَخْرَسَ لَا يَنْطِقُ بِشَيْءٍ مِنْهَا (وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ مِثْلُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute