للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضِ ذَلِكَ بِقِسْطِهِ مِنَ الدِّيَةِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ دِيَتُهُ إِذَا أَزَالَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعُودُ، فَإِنْ عَادَ سَقَطَتِ الدِّيَةُ، وَإِذَا أَبْقَى مِنْ لِحْيَتِهِ مَا لَا جَمَالَ فِيهِ احْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ بِقِسْطِهِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ كَمَالُ الدِّيَةِ. وَإِنْ قَلَعَ الْجَفْنَ بِهُدْبِهِ لَمْ تَجِبْ إِلَّا دِيَةُ الْجَفْنِ، وَإِنْ قَلَعَ اللَّحْيَيْنِ بِمَا عَلَيْهِمَا مِنَ الْأَسْنَانِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُمَا وَدِيَةُ الْأَسْنَانِ، وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ لَمْ تَجِبْ إِلَّا دِيَةُ الْأَصَابِعِ، وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصَابِعِ دَخَلَ مَا حَاذَى الْأَصَابِعَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ احْتِمَالًا: تَجِبُ حُكُومَةٌ (وَإِنَّمَا تَجِبُ دِيَتُهُ إِذَا أَزَالَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعُودُ) لِأَنَّ احْتِمَالَ الْعَوْدِ يَمْنَعُ مِنَ الْوُجُوبِ كَالسِّنِّ الصَّغِيرِ (فَإِنْ عَادَ) بِصِفَتِهِ (سَقَطَتِ الدِّيَةُ) نَصَّ عَلَيْهِ كَالسِّنِّ (وَإِذَا أَبْقَى مِنْ لِحْيَتِهِ) أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الشُّعُورِ (مَا لَا جَمَالَ فِيهِ احْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ بِقِسْطِهِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " كَمَا لَوْ أَبْقَى مِنْ أُذُنِهِ يَسِيرًا (وَاحْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ كَمَالُ الدِّيَةِ) قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَ " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْمَقْصُودَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَذْهَبَ ضَوْءَ الْعَيْنِ، وَلِأَنَّ جِنَايَتَهُ رُبَّمَا أَحْوَجَتْ إِلَى ذَهَابِ الْبَاقِي لِزِيَادَته فِي الْقُبْحِ عَلَى ذَهَابِ الْكُلِّ، فَتَكُونُ جِنَايَتُهُ سَبَبًا لِذَهَابِ الْكُلِّ، وَقِيلَ: تَجِبُ حُكُومَةٌ ; لِأَنَّهُ لَا مُقَدَّرَ فِيهَا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنَ الشُّعُورِ ; لِأَنَّ إِتْلَافَهَا إِنَّمَا يَكُونُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَحَلِّهَا، وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ، وَلَا يُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ فِيهَا، فَلَا تَجِبُ (وَإِنْ قَلَعَ الْجَفْنَ بِهُدْبِهِ لَمْ تَجِبْ إِلَّا دِيَةُ الْجَفْنِ) لِأَنَّ الشُّعُورَ تَزُولُ تَبَعًا كَالْأَصَابِعِ إِذَا قَطَعَ الْكَفَّ، وَهِيَ عَلَيْهِ (وَإِنْ قَلَعَ اللَّحْيَيْنِ بِمَا عَلَيْهِمَا مِنَ الْأَسْنَانِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُمَا وَدِيَةُ الْأَسْنَانِ) أَيْ: عَلَيْهِ دِيَةُ الْكُلِّ، وَلَمْ تَدْخُلْ دِيَةُ الْأَسْنَانِ فِي اللَّحْيَيْنِ كَمَا تَدْخُلُ دِيَةُ الْأَصَابِعِ فِي الْيَدِ لِوُجُوهٍ:

أَوَّلُهَا: أَنَّ الْأَسْنَانَ لَيْسَتْ مُتَّصِلَةً بِاللَّحْيَيْنِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُفْرَدَةٌ فِيهَا، بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ.

ثَانِيهَا: أَنَّ أَحَدَهُمَا يَنْفَرِدُ بِاسْمِهِ عَنِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ.

ثَالِثُهَا: أَنَّ اللَّحْيَيْنِ يُوجَدَانِ مُنْفَرِدَيْنِ عَنِ الْأَسْنَانِ لِوُجُودِهِمَا قَبْلَ وُجُودِ الْأَسْنَانِ وَيَبْقَيَانِ بَعْدَ قَلْعِهَا، بِخِلَافِ الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ.

(وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ لَمْ تَجِبْ إِلَّا دِيَةُ الْأَصَابِعِ) لِدُخُولِ الْجَمِيعِ فِي مُسَمَّى الْيَدِ، وَكَمَا لَوْ قَطَعَ ذَكَرًا بِحَشَفَتِهِ لَمْ تَجِبْ دِيَةُ الْحَشَفَةِ لِدُخُولِهَا فِي مُسَمَّى الذَّكَرِ، وَظَاهِرُهُ: يَقْتَضِي سُقُوطَ مَا يَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ الْكَفِّ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ نَقُولَ: لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>