خَرَزَةِ الصُّلْبِ وَالْعُصْعُصِ، فَفِيهِ حُكُومَةٌ، وَالْحُكُومَةُ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ بِهِ، ثُمَّ يُقَوَّمَ وَهِيَ بِهِ قَدْ بَرِئَتْ، فَمَا نَقَصَ فَلَهُ مِثْلُهُ مِنَ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ عِشْرِينَ، وَقِيمَتُهُ وَبِهِ الْجِنَايَةُ تِسْعَةَ عَشَرَ، فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ فِي شَيْءٍ فِيهِ مُقَدَّرٌ، فَلَا يَبْلُغَ بِهَا أَرْشَ الْمُقَدَّرِ. وَإِذَا كَانَتْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْعُصْعُصِ) وَالْعَانَةِ (فَفِيهِ حُكُومَةٌ) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى ذَلِكَ لَا تَوْقِيتَ فِيهَا، أَشْبَهَ الْجِرَاحَ الَّتِي لَا تَوْقِيتَ فِيهَا، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ أَحَدٌ فَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ.
فَائِدَةٌ: خَرَزَةُ الصُّلْبِ فَقَارُهُ، إِنْ أُرِيدَ بِهَا كَسْرُ الصُّلْبِ فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ حُكُومَةٌ. وَالْعُصْعُصُ بِضَمِّ الْعَيْنِ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي فِي أَسْفَلِ الصُّلْبِ (وَالْحُكُومَةُ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ بِهِ، ثُمَّ يُقَوَّمَ وَهِيَ بِهِ قَدْ بَرِئَتْ، فَمَا نَقَصَ) مِنَ الْقِيمَةِ (فَلَهُ مِثْلُهُ مِنَ الدِّيَةِ) هَذَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، لِأَنَّ جُمْلَتَهُ مَضْمُونَةٌ بِالدِّيَةِ، فَأَجْزَاؤُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْهَا، كَمَا أَنَّ الْمَبِيعَ لَمَّا كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، كَانَ أَرْشُ عَيْبِهِ مُقَدَّرًا مِنَ الثَّمَنِ، وَلَا يُقْبَلُ الْحُكُومَةُ إِلَّا مِنْ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ بِالْقِيمَةِ، وَلَا تَقْوِيمَ إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ، لِأَنَّ أَرْشَ الْجُرْحِ الْمُقَدَّرِ لَا يَسْتَقِرُّ إِلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ (فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ عِشْرِينَ، وَقِيمَتُهُ وَبِهِ الْجِنَايَةُ تِسْعَةَ عَشَرَ، فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ) لِأَنَّ النَّاقِصَ بِالتَّقْوِيمِ دِرْهَمٌ مِنْ عِشْرِينَ، وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِهَا، فَيَكُونُ فِيهِ هُنَا نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْوَاجِبَ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الدِّيَةِ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ فِي شَيْءٍ فِيهِ مُقَدَّرٌ، فَلَا يَبْلُغُ بِهَا أَرْشَ الْمُقَدَّرِ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْحُكُومَةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِيهِ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مُقَدَّرٍ، وَحُكْمُهُ سَبَقَ، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ هُوَ بَعْضُ الْمُقَدَّرِ، فَهَذَا لَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ فِيهِ عَدَمُ مُجَاوَزَةِ أَرْشِ الْمُؤَقَّتِ، مِثْلُ أَنْ يَشُجَّهُ سِمْحَاقًا، وَهُوَ دُونَ الْمُوَضِّحَةِ، فَإِنْ بَلَغَ بِالتَّقْوِيمِ أَرْشُهَا أَكْثَرَ مِنْ مُوَضِّحَةٍ مِثْلُ أَنْ تَنْقُصَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute