للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ تَحَمَّلَ الْجَمِيعَ، فَالدِّيَةُ، أَوْ بَاقِيهَا عَلَيْهِ إِنْ كَانَ ذِمِّيًّا، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا أَخَذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُمَكَّنْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالنَّصَارَى فَوَجْهَانِ، وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَتَانِ بِنَاءً عَلَى تَوْرِيثِهِمْ وَعَدَمِهِ (وَلَا يَعْقِلُ ذَمِّيٌّ عَنْ حَرْبِيٍّ وَلَا حَرْبِيٌّ عَنْ ذَمِّيٍّ) لِعَدَمِ التَّوَارُثِ، وَكَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، وَقِيلَ: بَلَى، إِنْ تَوَارَثَا، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: يَعْقِلُ الْمُعَاهَدُ إِنْ بَقِيَ عَهْدُهُ إِلَى أَصْلِ الْوَاجِبِ، وَإِلَّا فَلَا.

تَذْنِيبٌ: الْمُرْتَدُّ لَا يُعْقَلُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ فَيَعْقِلُ عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ، وَلَا ذِمِّيٌّ فَيَعْقِلُ عَنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ، فَتَكُونُ جِنَايَتُهُ فِي مَالِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ (وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ تَحَمَّلَ الْجَمِيعَ، فَالدِّيَةُ أَوْ بَاقِيهَا عَلَيْهِ إِنْ كَانَ ذِمِّيًّا) جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ، وَكَمَنَ رَمَى سَهْمًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ كَفَرَ قَبْلَ إِصَابَتِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمُسْلِمٍ، وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الْفُرُوعِ شَيْئًا (وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا أَخَذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، فَيَعْقِلُونَ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ عَاقِلَتِهِ كَعَصَبَاتِهِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَحْمِلُ الْعَقْلَ بِحَالٍ، رَجَّحَهَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ فِيهِ حَقٌّ لِلصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالْمَجَانِينِ وَمَنْ لَا عَقْلَ عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ فِيمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ حَالَّةً تُؤْخَذُ دُفْعَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَدَّى دِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَكَذَا عُمَرُ، وَلِأَنَّ الدِّيَةَ بَدَلُ مُتْلَفٍ، وَإِنَّمَا أَجَّلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ تَخْفِيفًا، وَلَا حَاجَةَ إِلَى ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ: تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَالْعَاقِلَةِ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ: إِذَا تَعَذَّرَ سَقَطَتْ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ) لِأَنَّ الدِّيَةَ لَزِمَتِ الْعَاقِلَةَ ابْتِدَاءً، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا يُطَالَبُ بِهَا غَيْرُهُمْ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَحَمُّلُهُمْ وَلَا رِضَاهُمْ بِهَا، فَلَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ مَنْ وَجَبَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>