للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْدِيدٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِذَا شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ أَوْ كَانَ نَجِسًا فَشَكَّ فِي طَهَارَتِهِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَ " الشَّرْحِ "، و" الْفُرُوعِ " لِأَنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا جُعِلَ نِصْفًا احْتِيَاطِيًّا، وَالْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا دُونَ النِّصْفِ (أَوْ تَحْدِيدٌ) ؛ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْقَاضِي، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ، لِأَنَّ مَا جُعِلَ احْتِيَاطِيًّا يَصِيرُ وَاجِبًا كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ (عَلَى وَجْهَيْنِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ رَاجِعٌ إِلَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَلَامُهُ فِي " الْمُغْنِي "، و" الْمُحَرَّرِ " يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْخِلَافِ بِالْأَوْلَى. قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَهُوَ الْأَشْبَهُ إِنْ قِيلَ: الْقِرْبَةُ تِسْعُمِائَةٍ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهُ لَا تَرْدِيدَ فِي كَوْنِ الْقُلَّةِ قِرْبَتَيْنِ، وَإِنَّمَا التَّرْدِيدُ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ قِيلَ: هِيَ مِائَةٌ تَقْرِيبًا حَسُنَ مَجِيءُ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ. قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: الْأَصَحُّ أَنَّ الْخَمْسَمِائَةٍ تَقْرِيبٌ، وَالْأَرْبَعَمِائَةٍ تَحْدِيدٌ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إِذَا نَقَصَتِ الْقُلَّتَانِ رِطْلًا أَوْ رِطْلَيْنِ، وَوَقَعَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ، فَعَلَى الْأُولَى طَاهِرٌ، لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَسِيرٌ لَا أَثَرَ لَهُ، وَعَلَى الثَّانِي: نَجِسٌ، لِأَنَّهُ نَقْصٌ عَنْ قُلَّتَيْنِ.

مَسَائِلُ: إِذَا وَقَعَ نَجَاسَةٌ فِي قَلِيلٍ، وَلَمْ تُغَيِّرْهُ، وَقُلْنَا: يَنْجُسُ بِهَا، فَانْتُضِحَ مِنْهُ عَلَى ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ، نَجُسَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَهُ اسْتِعْمَالٌ كَثِيرٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَلَوْ مَعَ قِيَامِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَلِيلٌ، وَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْمَاءِ، أَوْ نَجَاسَةِ عَظْمٍ، أَوْ رَوْثَةٍ، أَوْ جَفَافِ نَجَاسَةٍ عَلَى ذُبَابٍ وَغَيْرِهِ، أَوْ وُلُوغِ كَلْبٍ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي إِنَاءٍ، وَثَمَّ بِفِيهِ رُطُوبَةٌ، فَوَجْهَانِ. وَنَقَلَ حَرْبٌ: فِيمَنْ وَطِئَ رَوْثَةً، فَرَخَّصَ فِيهِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مَا هِيَ.

(وَإِذَا شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ) فَهُوَ طَاهِرٌ، لِأَنَّهَا مُتَيَقَّنَةٌ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ، وَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمُكْثِهِ، أَوْ بِمَا لَا يَمْنَعُ، وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِالْمَاءِ، بَلْ يَجْرِي فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، (أَوْ كَانَ نَجِسًا فَشَكَّ فِي طَهَارَتِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) أَيِ: الْأَصْلِ، لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ عَلَى حَالٍ، فَانْتِقَالُهُ عَنْهَا يَفْتَقِرُ إِلَى عَدَمِهَا، وَوُجُودُ الْأُخْرَى، وَبَقَاؤُهَا وَبَقَاءُ الْأُولَى لَا يَفْتَقِرُ إِلَّا إِلَى مُجَرَّدِ الْبَقَاءِ، فَيَكُونُ أَيْسَرَ مِنَ الْحُدُوثِ وَأَكْثَرَ، وَالْأَصْلُ إِلْحَاقُ الْفَرْدِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ. فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِنَجَاسَتِهِ، وَذَكَرَ السَّبَبَ قَبْلُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَلْزَمُ قَبُولُ خَبَرِهِ، لِاحْتِمَالِ اعْتِقَادِ نَجَاسَتِهِ بِسَبَبٍ لَا يَعْتَقِدُهُ الْمُخْبَرُ، وَقِيلَ: يَقْبَلُ، كَالرِّوَايَةِ، وَيَكْفِي مَسْتُورُ الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ، كَعَبْدٍ وَأُنْثَى، وَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ كَلْبًا وَلَغَ فِي هَذَا الْإِنَاءِ فَقَطْ، وَقَالَ آخَرُ: إِنَّمَا وَلَغَ فِي هَذَا، حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِمَا، لِأَنَّ صِدْقَهَا مُمْكِنٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>