الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ إِلَّا السَّيِّدُ، فَإِنَّ لَهُ إِقَامَةَ الْحَدِّ بِالْجَلْدِ خَاصَّةً عَلَى رَقِيقِهِ الْقِنِّ، وَهَلْ لَهُ الْقَتْلُ فِي الرِّدَّةِ، وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَلَا يَمْلِكُ إِقَامَتَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِلَى نَائِبِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُقِيمُ الْحُدُودَ فِي حَيَاتِهِ، وَخُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِلَّا لِقَرِينَةٍ كَتَطَلُّبِ الْإِمَامِ لَهُ لِيَقْتُلَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ أَقَامَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَضْمَنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ تَعَدَّى عَلَى الْإِمَامِ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ ضَمَانًا كَالْمُرْتَدِّ، وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ حُضُورُ إِقَامِتِهِ، لِقَوْلِهِ: «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» ، وَلِغَيْرِهِ.
فَرْعٌ: مَنْ أَقَامَ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَزِمَهُ مِنْ حَدِّ زَنًا أَوْ قَذْفٍ بِإِذْنِ إِمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ، قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ (إِلَّا السَّيِّدُ) الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ الْعَالِمُ (فَإِنَّ لَهُ إِقَامَةَ الْحَدِّ بِالْجَلْدِ خَاصَّةً عَلَى رَقِيقِهِ الْقِنِّ) أَيِ: الْكَامِلِ رِقُّهُ فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَلِأَنَّ لِلسَّيِّدِ تَأْدِيبَ أَمَتِهِ بِتَزْوِيجِهَا، فَمَلَكَ إِقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهَا كَالسُّلْطَانِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الصَّبِيَّ، وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى اجْتِهَادٍ فَلَمْ يَمْلِكْهُ، كَالْقَطْعِ وَحَدِّ الْحُرِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَهُ سَمَاعُ بَيِّنَةٍ تَقْتَضِي الْعُقُوبَةَ وَالْعَمَلُ بِهَا إِنْ عَرَفَ شُرُوطَهَا، وَإِلَّا سَمِعَهَا الْحَاكِمُ أَوْ سَيِّدُهُ بِإِذْنِهِ، وَقِيلَ: لَا يَسْمَعُهَا غَيْرُ حَاكِمٍ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ (وَهَلْ لَهُ الْقَتْلُ فِي الرِّدَّةِ، وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: لَا يَمْلِكُهُ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute