الْجَلْدِ فَالْحَقُّ قَتْلُهُ، وَإِنْ زَادَ سَوْطًا أَوْ أَكْثَرَ فَتَلِفَ، ضَمِنَهُ، وَهَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ، أَوْ نِصْفَ الدِّيَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِذَا كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا لَمْ يُحْفَرْ لَهُ، رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِذَا مَاتَ الْمَحْدُودُ فِي الْجَلْدِ) وَلَوْ حَدُّ خَمْرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، أَوْ تَأْدِيبٍ أَوْ تَعْزِيرٍ، وَلَمْ يَلْزَمْ تَأْخِيرُهُ (فَالْحَقُّ قَتْلُهُ) وَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، جَلْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ حَدٌّ وَجَبَ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، وَهَذَا إِذَا أَتَى بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَ التَّلَفُ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ الْمُؤَدِّبُ (وَإِنْ زَادَ سَوْطًا) أَوْ فِي السَّوْطِ (أَوْ أَكْثَرَ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّهُ تَلِفَ بِعُدْوَانِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ ضَرَبَهُ فِي غَيْرِ الْحَدِّ (وَهَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ، أَوْ نِصْفَ الدِّيَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: وَهُوَ رِوَايَةٌ، أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ كُلُّهَا، ذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّهُ قَتْلٌ حَصَلَ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعُدْوَانِ الضَّارِبِ، فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْعَادِي كَمَا لَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا سَوْطًا فَقَتَلَهُ، وَكَمَا لَوْ ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ لَا يَحْتَمِلُهُ، وَالثَّانِي: نِصْفُ الدِّيَةِ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّهُ تَلِفَ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ، فَوَجَبَ نِصْفُهَا، كَمَا لَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ، أَوْ جَرَحَهُ غَيْرُهُ، فَمَاتَ وَسَوَاءٌ زَادَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، لِأَنَّهُ يَضْمَنُ كَالْعَمْدِ، وَكَذَا إِنْ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ: اضْرِبْ مَا شِئْتَ، وَقِيلَ: دِيَتُهُ عَلَى الْأَسْوَاطِ إِنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ: إِنْ وَضَعَ فِي سَفِينَةٍ كَذَا، فَلَمْ تَغْرَقْ، ثُمَّ وَضَعَ قَفِيزًا فَغَرِقَتْ، فَغَرَقُهَا بِهِمَا فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ.
وَالثَّانِي: بِالْقَفِيزِ، وَكَذَا الشِّبَعُ وَالرَّيُّ، وَالسَّيْرُ بِالدَّابَّةِ فَرَاسِخَ، وَالسُّكْرُ بِالْقَدَحِ أَوِ الْأَقْدَاحِ، كَمَا يُنْشَأُ الْغَضَبُ بِكَلِمَةٍ بَعْدَ أُخْرَى وَيَمْتَلِئُ الْإِنَاءُ بِقَطْرَةٍ بَعْدَ قَطْرَةٍ، وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ.
فَرْعٌ: إِذَا أُمِرَ بِزِيَادَةٍ فَزَادَ جَهْلًا، ضَمِنَهُ الْآمِرُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَإِنْ تَعَمَّدَهُ الْعَادُّ فَقَطْ أَوْ أَخْطَأَ وَادَّعَى الضَّارِبُ الْجَهْلَ ضَمِنَهُ الْعَادُّ، وَتَعَمُّدُ الْإِمَامِ الزِّيَادَةَ شِبْهُ عَمْدٍ تَحْمِلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute