الرَّجُلُ فَزَنَى حُدَّ، وَإِنْ وَطِئَ مَيِّتَةً، أَوْ مِلْكَ أُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ مِنَ الرِّضَاعِ فَوَطِئَهَا، فَهَلْ يُحَدُّ، أَوْ يُعَزَّرُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ مُجْمَعٍ عَلَى بُطْلَانِهِ، كَنِكَاحِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَقُولُ لَا حَدَّ عَلَى مُكْرَهَةٍ عَلَى الزِّنَا فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. «وَعَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ امْرَأَةً اسْتُكْرِهَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَرَأَ عَنْهَا الْحَدَّ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ عُمَرَ، وَلِأَنَّ هَذَا شُبْهَةً وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِهَا، وَلَا فَرْقَ فِي الْإِكْرَاهِ بِالْإِلْجَاءِ، وَهُوَ: أَنْ يَغْلِبَهَا عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ بِالتَّهْدِيدِ بِالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رَاعٍ أَوْ مَنْعِ طَعَامٍ مَعَ اضْطِرَارٍ، وَكَذَا الْمَفْعُولُ بِهِ لِوَاطًا قَهْرًا (وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ فَزَنَى حُدَّ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالِانْتِشَارِ الْحَادِثِ وَالِاخْتِيَارِ، بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ، وَعَنْهُ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ الْإِكْرَاهَ شُبْهَةٌ، وَكَمَا لَوِ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ، وَعَنْهُ فِيهِمَا: لَا حَدَّ إِلَّا بِتَهْدِيدٍ وَنَحْوِهِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ الْفِعْلُ لَا الْقَوْلُ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: إِنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا الْقَتْلَ سَقَطَ عَنْهَا الدَّفْعُ، كَسُقُوطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ بِالْخَوْفِ (وَإِنْ وَطِئَ مَيِّتَةً أَوْ مَلَكَ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ مِنَ الرِّضَاعِ فَوَطِئَهَا، فَهَلْ يُحَدُّ، أَوْ يُعَزَّرُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَهُمَا رِوَايَتَانِ.
إِحْدَاهُمَا: يُحَدُّ بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ، قَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَةِ، لِأَنَّهُ إِيلَاجٌ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ، لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، أَشْبَهَ الْحَيَّةَ، وَلِأَنَّهُ أَعْظَمُ ذَنْبًا.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يُحَدُّ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الزَّجْرِ عَنْهُ، فَعَلَيْهَا يُعَزَّرُ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ عَلَيْهِ حَدَّانِ، فَظَنَنْتُهُ يَعْنِي نَفْسَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَهَذَا بِخِلَافِ طَرْفِ مَيِّتٍ لِعَدَمِ ضَمَانِ الْجُمْلَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ قَتْلٍ بِخِلَافِ الْوَطْءِ، وَأَمَّا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالرِّضَاعِ إِذَا وَطِئَهَا فَعَنْهُ: يُحَدُّ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي عَنْ أَصْحَابِنَا، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَبَاحُ بِحَالٍ كَالْمُحَرَّمَةِ بِالنَّسَبِ، وَكَفَرْجِ الْغُلَامِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute