للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَالْمُرَادُ بِالْحَائِضِ الْبَالِغُ، وَلِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا» ، فَالصَّلَاةُ أَوْلَى، لِأَنَّهَا أَعْلَى، وَآكَدُ مِنْهُ.

وَالْأَحْسَنُ فِي الِاسْتِدْلَالِ أَنْ يُقَالَ: انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْأَمْرِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، فَيَكُونُ مَنْهِيًّا عَنِ الصَّلَاةِ مَعَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ، وَهَذَا مَحَلُّهُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ وَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا.

(وَسَتْرُهَا) لَا مِنْ أَسْفَلَ، وَالْأَظْهَرُ: بَلَى إِنْ تَيَسَّرَ النَّظَرُ (عَنِ النَّظَرِ بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ) أَيْ: السَّوَادُ، وَالْبَيَاضُ (وَاجِبٌ) لِأَنَّ السَّتْرَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَدَلَّ [عَلَى] أَنَّهُ إِذَا وَصَفَ بَيَاضَ الْجِلْدِ أَوْ حُمْرَتَهُ فَلَيْسَ بِسَاتِرٍ، وَإِذَا سَتَرَ اللَّوْنَ، وَوَصَفَ الْخِلْقَةَ أَيْ: حَجْمَ الْعُضْوِ، صَحَّتِ الصَّلَاةُ فِيهِ، لِأَنَّ الْبَشَرَةَ مَسْتُورَةٌ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ السَّاتِرُ صَفِيقًا، وَيَكْفِي نَبَاتٌ، وَنَحْوُهُ، وَقِيلَ: لَا يَكْفِي حَشِيشٌ مَعَ وُجُودِ ثَوْبٍ، وَيَكْفِي مُتَّصِلٌ بِهِ كَيَدِهِ، وَلِحْيَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي لُزُومِ طِينٍ، وَمَاءٍ كَدِرٍ لِعُدْمٍ وَجْهَانِ، لَا بَارِيَةٌ وَحَصِيرٌ، وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يَضُرُّ، وَلَا حَفِيرَةٌ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَجِبُ الطِّينُ لَا الْمَاءُ، وَيَكُونُ مِنْ فَوْقَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ سَتْرُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يَجِبُ سَتْرُهَا مُطْلَقًا حَتَّى خَلْوَةً عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ يَحْرُمُ كَشْفُهَا خَلْوَةً بِلَا حَاجَةٍ فَيَحْرُمُ نَظَرُهَا، لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِكَشْفِهَا الْمُحَرَّمِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِ هَذَا لَا أَنَّهُ يَحْرُمُ نَظَرُ عَوْرَتِهِ حَيْثُ جَازَ كَشْفُهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ هُوَ، وَلَا لَمْسُهَا اتِّفَاقًا، وَقَدْ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إِذَا وَجَبَ سَتْرُهَا فِي الصَّلَاةِ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنِ الْأَجَانِبِ، فَهَلْ يَجِبُ عَنْ نَفْسِهِ إِذَا خَلَا؛ فِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يَجِبُ السَّتْرُ عَنِ الْمَلَائِكَةِ، وَالْجِنِّ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ، وَقَوْلُهُ: وَاجِبٌ مُطْلَقًا إِلَّا لِضَرُورَةٍ كَتَدَاوٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>