كَمُلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا تَكْمُلَ كَالَّتِي قَبْلَهَا. وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ زَنَى بِهَا مُطَاوِعَةً، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا مُكْرَهَةً، لَمْ تَكْمُلْ شَهَادَتُهُمْ، وَهَلْ يُحَدُّ الْجَمِيعُ، أَوْ شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يُحَدُّ الزَّانِي الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَالشُّهُودِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَوْجَبْتُمُ الْحَدَّ مَعَ الِاحْتِمَالِ وَهُوَ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ؟ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، بِدَلِيلِ مَا لَوِ اتَّفَقَا عَلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلَيْنِ، بِأَنْ يَكُونَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، أَمَّا لَوْ كَانَتِ الزَّاوِيَتَانِ مُتَبَاعِدَتَيْنِ، فَالْقَوْلُ فِيهِمَا كَالْقَوْلِ فِي الْبَيْتَيْنِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ تُكْمَلُ الشَّهَادَةُ، سَوَاءٌ تَقَارَبَتَا أَوْ تَبَاعَدَتَا (أَوْ شَهِدَا أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي قَمِيصٍ أَبْيَضَ، وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي قَمِيصٍ أَحْمَرَ كَمُلَتْ شَهَادَتُهُمْ) عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا قَمِيصَانِ، فَذَكَرَ كُلُّ اثْنَيْنِ وَاحِدًا مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي قَمِيصِ كَتَّانٍ، وَآخَرَانِ فِي قَمِيصِ خَزٍّ (وَيُحْتَمَلُ أَلَّا تَكْمُلَ كَالَّتِي قَبْلَهَا) وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ، أَشْبَهَ مَا لَوِ اخْتَلَفُوا فِي الْبَيْتَيْنِ، فَعَلَى هَذَا هَلْ يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ زَنَى بِهَا مُطَاوِعَةً، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا مُكْرَهَةً لَمْ تَكْمُلْ شَهَادَتُهُمْ) عَلَى الْأَشْهَرِ، لِأَنَّ فِعْلَ الْمُطَاوِعَةِ غَيْرُ فِعْلِ الْمُكْرَهَةِ، فَعَلَى هَذَا: لَا يُحَدُّ الرَّجُلُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَلَا الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَكْمُلْ عَلَى فِعْلٍ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ عَلَيْهِمَا (وَهَلْ يُحَدُّ الْجَمِيعُ) أَيِ: الْأَرْبَعَةُ، لِقَذْفِهِمُ الرَّجُلَ (أَوْ شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى شَاهِدَيِ الْمُطَاوَعَةِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، لِأَنَّهُمَا قَذَفَا الْمَرْأَةَ بِالزِّنَا، وَلَمْ تَكْمُلْ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهَا، وَلَا يَجِبْ عَلَى شَاهِدَيِ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقْذِفَا الْمَرْأَةَ، وَقَدْ كَمُلَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الرَّجُلِ، وَإِنَّمَا انْتَفَى الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ.
وَالثَّانِي: يُحَدُّ الْجَمِيعُ، لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالزِّنَا، فَلَزِمَهُمُ الْحَدُّ كَمَا لَوْ لَمْ يَكْمُلْ عَدَدُهُمْ (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يُحَدُّ الزَّانِي الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ) وَاخْتَارَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ كَمُلَتْ عَلَى وُجُودِ الزِّنَا مِنْهُ، وَاخْتِلَافُهَا إِنَّمَا هُوَ فِي فِعْلِهَا فَلَا يَمْنَعُ كَمَالَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا (دُونَ الْمَرْأَةِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ بِزِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ، لِأَنَّهُ لَا حَدَّ مَعَ الْإِكْرَاهِ (وَالشُّهُودِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute